بأنصاره وقدم العزاء ليزيد وأعلن أن البيعة يجب أن تؤجل متعللا بأنها لا تكون صحيحة إلا إذا تمت على الملأ، ونجح الحسين فى تأجيل البيعة يومين، وإتجه هو وأسرته إلى المدينة، ولم يلتمس إليها مع ذلك طريقًا غير مباشر، وحث مروان الوليد بن عتبة على استعمال العنف إلا أن الوليد لم يرد أن يتخذ موقفًا صارمًا مع حفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودفع ثمن هذا التصرف السلبى فعزل من الولاية. ولم يكن الموقف فى مكة إثر وصول الحسين وعبد الله ابن الزبير يسيرًا كل اليسر، فقد آثر المكيون الالتفاف بالحسين وشكوا فى أن عبد الله الذى كان يضمر فى نفسه أطماعًا، يحمل فى أعماقه غيرة من الحسين (الطبرى، جـ ٢، ص ٢٧٦).
[مصادر ثورة الحسين ونهايته الفاجعة]
يقوم كاتب هذه المادة بدراسة بعض المخطوطات المحفوظة فى مكتبة برلين والمنسوبة لأبى مخنف، انظر Ahlwardt, ص ٩٠٢٨ - ٩٠٢٩، ٩٠٣١ - ٩٠٣٨) وإن لم يثبت أن جميعها أو جزءا منها صحيح فإن أهم المتون الخاصة بجهاد الحسين ومعقباتها الفاجعة فى كربلاء هو ولم يزل الطبرى ثم البلاذرى. فالأول يروى:
(١) عددا كبيرًا من الروايات منسوبة إلى أبى مخنف (المتوفى حوالى ١٥٧ هـ = ٧٧٤ م) ترجع أسانيدها إلى شهود معاصرين.
(٢) عددًا لا بأس به من روايات هشام بن محمد الكلبى ومعظمها تلقاه من شيخه أبى مخنف.
(٣) عددًا قليلا من الروايات رواها بأسانيدها رواة لا تضيف على ذلك إلا روايات قليلة مختلفة عن الروايات السابقة، ومعظم هذه الروايات لا شأن له. ويكاد البلاذرى يستخدم فى معظم الأحوال المصادر نفسها التى رجع إليها الطبرى، ولكنه فى كثير من الأحيان يسوق ملخصًا لها ويفتتحها بعبارة "قالوا"، ثم يزيد على ذلك بعض الأشعار والتفصيلات. وأما الدينورى واليعقوبى وابن عبد ربه وغيرهم فيكادون لا يضيفون شيئًا إلى معلوماتنا لأنهم يعتمدون فى جميع