السياسية والمشكلات الدينية ومشكلات العالم الإسلامى فى ذلك الوقت. فالمدينة بتنظيمها المؤقت لها هدفان أحدهما تحقيق الخير والرفاهية والآخر الإعداد للحياة المستقبلية.
٥ - رد فعل الغزالى: البعض يرى فى الغزالى مفكرا رجعيا وضع نهاية لازدهار فكر الفلاسفة العقلانى، وأعلى من شأن علم الكلام الذى يخدم العقيدة. والبعض الآخر يرى فيه شخصا حلّق بجناحى الفكر الصوفى فحارب فرقة الباطنية. وأيا كان تقييمه فلابد من الاعتراف بقيمة أعماله فقد أدخل الفلسفة الإغريقية إلى حلبة الفكر السنى من خلال تطويره لفكر الأشعرية وفى نقده للفلسفة. كما أنه أدان الاتجاهات الغنوصية التى تتعارض مع روح القرآن، غير أنه ظل بدون شك واحدا من المتكلمين. والنقاط الرئيسية التى يدور حولها نقده للفلسفة تتمثل فى (أ) بعث الجسد ومادية الثواب والعقاب فى الآخرة (ب) خلق العالم من العدم وأن وجوده ممكن أى ليس واجبا بذاته. (جـ) معرفة اللَّه بالجزئيات.
[٦ - الطور الثانى للفلسفة الإسلامية]
أو مرحلة ما بعد الغزالى حيث نجد فى المشرق فخر الدين الرازى وفى المغرب ابن باجة وابن طفيل وابن رشد، ويتميز هذا الطور من ناحية بتنوعه إذ لا نجد فيه الحرص على وحدة الأفكار على نحو ما كان فى الطور الأول. ومن ناحية أخرى نجد أن الفلسفة فى هذا الطور أصبحت أكثر اندماجا فى الثقافتين العقلية والروحية اللتين تحققتا للإسلام على مر القرون. فعلوم الكلام والقانون والتفسير والتصوف أضحت تكون نسقا راسخا وثريا من حيث المحتوى ومن حيث التأثير، بينما الفلسفة الإسلامية فى طورها الأول تحدد ملامحها فى وقت كانت فيه باقى الأنشطة العقلية لا تزال تتلمس لنفسها الطريق الصحيح ولم يكن ثمة نشاط عقلى قد احتل مكانة راسخة فى ذلك الوقت سوى فكر المعتزلة -ومن أعلام الفلسفة الإسلامية فى الغرب ابن باجة الذى كان أقلهم اصطباغا بالروح الدينية، ويعد كتابه "تدبير المتوحد" تصويرًا للعزلة المثالية عن جماهير الناس من أجل التأمل الذهنى البحت،