أولى زوجات النبي، [- صلى الله عليه وسلم -] وهي ابنة خويلد بن عبد العزى القرشى. وقد أجمع الثقات على أنها كانت -في الوقت الذي عرفت فيه محمدًا [- صلى الله عليه وسلم -] وعمل في تجارتها- أرملة تاجر ميسور الحال تقوم بنفسها على شئون تجارتها. وقد تزوجت قبل النبي [- صلى الله عليه وسلم -] مرتين، وأعقبت فيهما ذرية؛ فأما زوجها الأول فهو رجل من مخزوم، وأما الآخر فهو أبو هالة التميمى الذي اختلف الرواة في اسمه الحقيقى، وذكره بعضهم بين صحابة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] إذا صحت هاتان الروايتان فإن خديجة تكون امرأة مطلقة (١). وقد كشفت خديجة في وكيل
(١) أبو هالة زوج خديجة قبل رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -]، لم يذكره أحد من الذين ألفوا في تراجم الصحابة، ممن وصلت إلينا كتبهم، إلا الحافظ ابن حجر، فإنه ذكره في الإصابة (جـ ٦، ص ٢٧٠) باسم (نباش بن زرارة التميمى) في القسم الرابع من باب النون، وهو القسم الذي خصه في كل حرف من الحروف بتراجم من ذكره مترجمو الصحابة "على سبيل الوهم والغلط" كما صرح بذلك في مقدمة الإصابة (جـ ١، ص ٤) بل صرح بأنه لا يذكر في هذا القسم "إلا ما كان الوهم فيه بينا، وأما مع عدم احتمال الوهم فلا". ولذلك قال في الترجمة التي ذكرها لأبى هالة ما نصه: "زوج خديجة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ووالد هند، وخال الحسن بن على ذكره المستغفرى، وتبعه أبو موسى في الذيل، وهو غلط"، فمن عجب بعد هذا كله أن يذكره كاتب المادة بطريقة تدل على أن له أصلا أو صحة، ويبنى عليه احتمالا. وما هذا شأن المحقق المنصف. وإنما يريد الكاتب وأمثاله الغمز فقط، شأنهم ودينهم! ثم ماذا في ذلك إذا صح؟ فيه في نظره أن تكون خديجة امرأة مطلقة! وماذا يكون؟ العرب يرون جواز الطلاق، ولا يرون فيه شيئا يعيب الرجل أو المرأة، وجاء الإسلام فنظم الطلاق في التشريع، وجعل له حدودًا وقواعد دقيقة، ولم يجعل عيبًا في الرجل أن يطلق ولا أن يتزوج امرأة مطلقة، ولم يجعل عيبا في المرأة أن تكون مطلقة ولا أن تتزوج رجلا آخر بعد الطلاق. ورسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت جحش أم المؤمنين، وهي بنت عمته، بعد أن طلقها مولاه وعتيقه زيد بن حارثة، ثابت ذلك بنص القرآن الكريم والسنة الصحيحة المتواترة، بل الطلاق مباح في كل الأديان، وإنما حرمه البابوات وشددوا في تحريمه، ثم صار في نظر أولئك القوم عارًا عندهم، وغلوا في ذلك غلوًا شديدًا، ولكن أيكون غلوهم هذا حكما يمضونه على غيرهم من الأمم، وعلى دين وشريعة لا يؤمنون بهما. ثم الذي لا شك فيه بعد هذا كله، أن أبا هالة مات في الجاهلية قبل زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وأن خديجة لم تكن -حين تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة مطلقة.