وكان الشعر على التحقيق مصدر معاش الحكم، وكان بعيدًا عن المدائح الفخمة التى تقال فى العظماء، واكتفى بإرسال رسائل قصيرة بالشعر إلى أرباب نعمته يفزع إلى كرمهم، وكان يكفل له النجاح بعامة الخوف من أهاجيه. ويصف الجاحظ (كتاب البيان والتبيين، جـ ٣، ص ٧٤) وغيره من الكتاب بعده كيف استتبت شهرته بالهجاء المخيف مرة، وكان حسب الحكم أن يبعث بعكازه إلى أصحاب السلطان الذين يريد هو أن يلجأ إليهم، ويكتب على العكاز مطلوبه، وقلما كان يقابل بالرفض. وتقوم بعض شهرته فى الحق على قصيدة أهداها إلى صاحب الخراج محمد بن حسّان ابن سعيد يضيف إليها كل مرة أبياتًا قليلة إذا استثار هذا العامل العنيد شكواه (نص القصيدة فى كتاب الحيوان للجاحظ، جـ ١، ص ٢٤٩ - ٢٥٣). وما وصل إلينا من شذرات شعره تدلنا على أن الحكم بن عبدل كان فاجرًا خفيف الروح مدمنًا على الشراب، مستعدًا دائمًا لقول أبيات قليلة ذكية يكتسب بها عطاء أو يهرب بها من عقوبة. وأهاجيه لا يتورع فيها عن استعمال لغة تميل إلى الغلظة والخشونة ولكنها ليست مع ذلك دنيئة، والأبيات القليلة التى قالها فى الحب وبقيت لنا أقرب إلى الفجاجة، ومن أعجب الأمور أن نجد باسمه قصيدة كتبت فى بساطة شديدة عن سوء أعمال جرذ وفائدة القط (الحيوان، جـ ٥, ص ٢٩٧ - ٣٠٠). ولا نعلم تاريخ وفاة الحكم.