ذهب بربر المغرب إلى مسافة أبعد حينما قامت بينهم ديانات محلية بنيت تقريبًا على الإسلام، فبعد محاولة الثورة التى قام بها ميسرة وبربر طنجة، التى قضى سريعًا عليها، اعترفت قبيلة براغواطة ببنى أبنائها هو صالح بن طريف، الذى جاء لهم بدين وقرآن باللغة البربرية. ولم يقض على هذه الديانات وهذه المحاولات الدينية بين البربر نهائيًا سوى على يد حكام الموحدين فى القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى. كذلك هناك الحركة التى قام بها "حم"(ت ٣١٣ هـ/ ٩٢٧ - ٩٢٨ م) بين قبيلة غمارة، قرب تطوان.
وبرغم حركات الانشقاق هذه، فإن الإسلام أصبح الدين الرسمى لأقوى البيوتات التى حكمت المغرب، وقد أخذ فى الانتشار تدريجيًا، واكتسب أرضًا له ببطء بين جبال البربر، لكن ذلك لم يقع إلا بعد وفاة عبد المؤمن الذى حطم دين البرغواطيين ووضع نهاية لحكم المرابطين الذين اتهموا بأنهم مجسّمين. ولقد وحد المرابطون الإسلام تمامًا فى المغرب. ومنذ ذلك الوقت صار للإسلام فى المغرب أبطال، كانوا جنودًا أكثر منهم رجال دين، أجبروا الناس بالحرب على قبول تعاليمهم. ولقد تطلب الأمر من ابن تومرت، البربرى من جبال الأطلس، ورجل الدين الذى تعلم فى المشرق، أن يعود إلى البلاد ليحصل على تأييد أتباعه ليؤسس جماعة سياسية ودينية هى جماعة "الموحدين".
وإذا كانت حركة الموحدين حركة مؤقتة فى المغرب، فإنها بدون شك كانت حركة موجية بما فيه الكفاية لدرجة أنها وقفت فى البلاد على كل آثار دعاوى الشيعة والخوارج كما استطاعت أن تؤسس وتثبت مذهب الإمام مالك بن أنس الذى ما زال متبعًا حتى اليوم فى الغرب.
[جـ- تطور الإسلام فى المغرب]
منذ نهاية عهد دولة الموحدين، اكتسب إسلام المغرب بسرعة ملامحه الخاصة به. فبعد طرد المسلمين من الأندلس، واصل الأسبان الحرب ضدهم حتى فى المغرب. ولقد أصبح الإسلام