يعقوب لاختبار العدة حينما هاجم العراق لكن تصدَّى له الموفق وموسى ابن بغا فأنزلا به الهزيمة النكراء عند دير العاقول وذلك سنة ٢٦٢ هـ (= ٨٧٦ م)[ويقال إن سبب هزيمة يعقوب -بعد انتصاره فى بادئ الأمر- يرجع إلى كراهية بعض جنده أن يحاربوا الخليفة فانفصلوا عن جيش يعقوب بن الليث فكانت الهزيمة التى ألَّمت به] ولقد ترتب على انتصار جيش الخليفة أن أصبح الموفق وقواده قادرين على الالتفاف حول الزنج فى جنوب العراق، وكان خروجهم على الدولة لأول مرة سنة ٢٥٥ هـ (= ٨٦٩ هـ) بقيادة [دعى انتسب زورًا إلى آل على كما ادعى أنه عباسى ودعا الناس فى هجر لطاعته، وكثر أتباعه فى أكثر من ناحية، واستعان بالصبية ممن يحملون السباخ فى البصرة ومناهم الأمانى المعسولة فتبعوه وظل يتابع صده للزنوج حتى استفحل شره] ولقد ظلت فتنة الزنج مشبوبة الأوار حتى سنة ٢٦٦ هـ (= ٨٧٩ م) حين أعد الموفق وولده أبو العباس حملة ضد الزنج، واستمرت الحرب حامية الوطيس بين الجانبين مدة أربع سنوات شهدت نهايتها هزيمة البشائر والقضاء على الفتنة سنة ٢٧٠ هـ ولما انتهت ثورة الزنج قلت ضده عزام الموفق، وتقاعد عن القتال بنفسه وأخرج ولده فى سنة ٢٧١ هـ (= ٨٨٤ م) لقتال خمارويه بن أحمد بن طولون فى جنوب فلسطين، كما أنه غادر بغداد سنة ٢٧٦ هـ (= ٨٨٩ م) إلى "الجبال"، وربما كان الدافع , فى هذا الخروج سعيه للمال، ولم يعد إلا سنة ٢٧٨ هـ وقد مرض مرضًا ينذر بالموت، وكانت العلاقات بينه وبين ولده أبى العباس قد تدهورت تدهورًا كبيرًا حتى لقد أمر بالقبض عليه فقبض عليه، ولكن سعى البعض بالصلح بينهما فتم البعض مما سعوا فيه وكان ذلك قبل موته فى صفر ٢٧٨ (= يونيو ٨٩١ م).
[المصادر]
(١) الطبرى ٣/ ١٤٥٩ - ١٤٦١.
(٢) تاريخ اليعقوبى ٢/ ٦١٩ - ٦٢٤، مروج الذهب للمسعودى ٨/ ٣٨ - ١١٢.