كان خامس خلفاء بنى أمية حكم ما بين ٦٥ و ٨٦ هـ (٦٨٥ - ٧٠٥ م) وولد على أرجح الأقوال سنة ٢٦ هـ (٦٤٦ م)، وأبوه هو مروان بن الحكم، وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة، وشاهد وهو صبى فى العاشرة من عمره الهجوم على دار عثمان بن عفان، فلما بلغ السادسة عشرة ولاه أبوه قيادة العسكر لمحاربة البيزنطيين، وقد ظل مقيما بالمدينة حتى كانت الثورة ضد يزيد بن معاوية (٦٢ هـ/ ٦٨٢ م) فلما أخرج الثوار الأمويين من المدينة غادرها مع أبيه، ثم عاد إليها فى رفقة مسلم بن عقبة أمير جيش الشام بعد أن زوده عبد الملك بأخبار المدينة واستحكاماتها، وتلى ذلك وقعة الحرة وهزيمة أهل المدينة الهزيمة التامة يوم ٢٧ ذى الحجة ٦٣ هـ (٢٧ اغسطس ٦٨٣ م) إلا أنه واجه صعوبات جمة، ذلك أنه على الرغم من أن وقعة مرج راهط قد دعمت من جديد سيطرة الأمويين على الشام كما استردوا مصر التى قوى فيها حكم أخيه عبد العزيز بن مروان، إلا أن الثورة اندلعت ضده فى شمالى "قريقساء" بقيادة ظفر بن الحارث الذى لقى العون من القيسيين، وظلت الثورة قائمة حتى سنة ٧١ هـ (٦٩٠ م). هذا إلى كثرة المناوشات البيزنطية على الحدود بل وعودتهم بهم إلى احتلال (انطاكية) سنة ٦٨ ومساعدتهم المروانيين داخل سورية ذاتها.
كذلك نودى فى مكة بعبد اللَّه بن الزبير خليفة ودانت له -ولو ظاهريا- أكثر ولايات الدولة إلا أن عبد الملك برهن على أنه الرجل الكفء لمقارعة هذه الأهوال، ونجح فى سنوات قلائل فى إعادة وحدة العرب تحت قيادة أهل الشام.
على أنه حدث فى البداية إخلاء العراق والشرق إذ استطاع رجال القبائل العربية بعد موت يزيد من أن يطردوا الوالى عبيد اللَّه بن زياد الذى عجز عن استرداد الكوفة والبصرة رغم نجاحه فى صد هجوم قوات الكوفة على أرض الجزيرة بالعراق فى رمضان ٦٥ هـ (٦٨٥ م)، ثم ما لبثت الكوفة أن