التاريخ. وحاول عماد الدولة جاهدا فى هذه الأثناء وقد أصابه الكبر والوهن، أن يقيم علاقات ودية مع "السامانيين" فى الشرق الشمالى، لكى يضمن خلافة سلمية للرجل الذى اختاره ليخلفه فى الحكم، وهو ابن أخيه ركن الدولة "فانا خوسرو" لعدم وجود ابن له، وهو الذى أصبح فيما بعد "عضد الدولة" واجتمع مع أخيه معز الدولة فى الأهواز لهذا الغرض، حيث توفى بعد ذلك بقليل فى سنة (٣٣٨ هـ/ ٩٤٩ م). وأهم ما اشتهر به حكمه هو الطريقة التى سعى بها إلى جمع الأموال للصرف منها على قواته. وكان لديه فى ذلك الوقت وزير مسيحى هو إسرائيل بن موسى، والذى راح ضحية الدسائس التى كادها له أعداؤه المسلمون. وعلى الرغم من توطيد دعائم حكم معز الدولة فى بغداد، والمكانة التى اجتمعت له فى نظر الكثير من المسلمين، إلا أن هذا لم يمنع عماد الدولة من النظر لنفسه كعميد للعائلة.
مصطفى محمود [كين CI.Cahen]
[عماد الدين بن محمد]
هو محمد بن محمد الكاتب الإصفهانى، الكاتب المتميز والمؤرخ المشهور. ولد فى إصفهان فى سنة ٥١٩ هـ/ ١١٢٥ م لعائلة بارزة، ينتمى إليها أيضا "كاتب العزيز" المشهور، الذى أورد ابن خلدون سيرته الذاتية. أمضى شبابه فى مسقط رأسه، وكذلك فى كاشان، إلا أنه درس فى بغداد الفقه على وجه الخصوص وقام برحلة إلى الموصل، وزار عدة أماكن أخرى. وعندما فرض السلطان السلجوقى محمد الثانى حصاره الفاشل على بغداد فى سنة ٥٥١ هـ/ ١١٥٦ م، كان عماد الدين فى المدينة، وكتب قصيدة يهنئ فيها الخليفة على فك الحصار، والتى أكسبته عطف الوزير ابن هبيرة، فعينه نائبا له فى "واسط" بيد أنه فقد منصبه بعد وفاة الوزير (٥٥٩ هـ/ ١١٦٤ م) وعانى من الفقر فى السنتين التاليتين. وأخيرا وبفضل مساندة الوزير الشهرزورى, عرج على آل زنكى فى سوريا، الذى كان على معرفة بعائلته وخصوصا عمه عزيز السابق ذكره، وهكذا لقى ترحيبا وديا، وعينه السلطان نور الدين "كاتبا" وفيما بعد مدرسا فى مدرسة أنشئت تكريما له، وعهد إليه علاوة على ذلك بمهمة دبلوماسية إلى الخليفة، انتهت بتعيينه مشرفا على الديوان. ولكن بعد وفاة نور الدين فى سنة ٥٦٩ هـ/ ١١٧٣ م،