اسم نبى ورد ذكره فى القرآن مرتين: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (سورة مريم، الآية ٥٦ وما بعدها)؛ {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ}(سورة الأنبياء، الآية ٨٦) ولم يقصد من هذه الآيات أن تميط اللثام بحال عن هذه الشخصية، بل إن الاسم نفسه ظل مدة طويلة لغز، عند المستشرقين حتى جاء نولدكه فرجح أنه هو"أندرياس" (Assyriologie، جـ ١٧، ص ٨٤ وما بعدها). وزعم "هارتمان" R. Hartmann (المجلة نفسها، جـ ٢٤، ص ٣١٤ وما بعدها) أن أندرياس هذا الذى رفع مكانًا عليًا ليس إلا طاهى الإسكندر، ذلك الطاهى الذى كتب له الخلود. ويذهب مؤلفو المسلمين إلى أن أندرياس هذا هو أخنوخ المذكور فى التوراة، وهو شخص كتب له الخلود أيضًا كما يذهب القصص، أو دخل الجنة حيا حسبما تذكر المصادر اليهودية.
وما يضيفه كتاب العرب المذكورون إلى ادريس [عليه السلام] إنما يرجع بنوع خاص إلى مصادر يهودية متأخرة منحولة. ولأخنوخ المذكور فى التوراة ثلاث صفات بارزة تتردد فى القصص الإسلامية المصوغة على مثال قصص اليهود (سفر التكوين، الإصحاح الخامس، الآية ٢٣ - ٢٤):
وهى:
١ - ورعه، ٢ - تعميره ٣٦٥ سنة على الأرض، وفى هذا ما يشير إلى أنه كان بطلاً من أبطال الأسطورة الشمسية، ٣ - رفعه إلى السماء. واسم "أخنوخ" نفسه -الذى توحى حروفه معنى "المُلهم"- قد أثر أيضًا على ما يرجح فى تكوين القصص التى حيكت حوله.
أما فيما يتعلق بهذه المسألة الأخيرة فإن إدريس [عليه السلام] يبدو فى المصنفات الإسلامية ملهمًا بالعلوم والفنون، فقد كان أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب وارتداها، وكان الإنسان قبله يرتدى الجلود. فهو إذا "راعى" الخياطين وأحد الرعاة السبعة الذين يرعون النظام النقابى. وكان أيضًا أول