تمر المدينة إذا هما كفا عن القتال، وأبدت غطفان استعدادها لتنفيذ ما أشار به النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، إلا أن خطته لقيت معارضة من أولئك المسلمين الذين كانوا ميالين إلى مواصلة القتال. ويقال إن سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير كانوا من أشد المعارضين لمحاولة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] هذه. ولما صح عزم النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] على شن للك الحملة على مكة التى انتهت بصلح الحديبية تجلى عزم سعد على القتال وتعطشه اليه. وقد أشار سعد على النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بوجوب اتخاذ الحيطة الواجبة وتزويد المسلمين بالسلاح الذى لا غنى لهم عنه، إلا أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أبى أن يستمع لنصحه. ولما توفى عبد اللَّه بن أبىّ أصبح سعد سيد بنى الخزرج بلا منازع، ومن ثم لا عجب اذا رأينا أنه كان من المرشحين لخلافة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وما إن تواترت الأنباء فى المدينة بوفاة محمد عليه الصلاة السلام حتى اجتمعت الأوس والخزرج وخطب سعد فى جموعهم ورشح للخلافة رجلا من الأنصار. ومالت غالبية الحاضرين إلى مبايعته على الفور، على أن بعض المسلمين الآخرين ظهروا فى الميدان، وخاصة أبو بكر وعمر، وتداول المجتمعون فى الأمر وحمى وطيس مناقشاتهم مما هدد باندلاع لهيب الفتنة، غير أن أبا بكر بويع بالخلافة. وعندئذ اعتزل سعد الحياة العامة ثم شخص إلى حوران حيث توفى بعد مبايعة عمر بسنتين ونصف سنة، أى حوالى سنة ١٥ للهجرة (٦٣٦/ ٦٣٧ م).
[المصادر]
(١) ابن سعد: الطبقات، طبعة سخاو، جـ ٣، قسم ٢، ص ١١٥ - ١٤٥؛ جـ ٧، قسم ٢، ص ١١٥ وما بعدها