قيرس توجه إلى القسطنطينية ليطلع الإمبراطور على مفاوضاته مع عمرو، وعاد قيرس دون موافقة الإمبراطور على شروط العرب فشدد المسلمون من حصارهم للحصن وقاموا بفتحه عنوة، فلم يكن أمام القوات البيزنطية بعد ذلك إلا الانسحاب إلى الاسكندرية. وعاد قيرس للتفاوض مع عمرو مرة ثانية. وفى هذه المرة كان يحمل تفويضًا بإقرار الصلح مع عمرو. ولما وصل المقوقس إلى الحصن استقبله عمرو استقبالًا طيبا وتم الاتفاق بينهما على ترك مصر وتسليمها للعرب. وكتابة معاهدة بهذا الخصوص. وأطلق بعض المؤرخين المسلمين على هذه المعاهدة اسم "معاهدة عين شمس" بينما أطلق عليها البعض الآخر "معاهدة الإسكندرية". وللأسف ضاع أصل هذه المعاهدة وبالتالى اختلفت المصادر العربية فى أمر فتح مصر، هل فتحت عنوة أم صلحًا بعهد. وبناءً على هذا التحديد يتحدد مصير أرض مصر وأهلها من حيث أمر الخراج والجزية -إلا أن الأمر الوحيد الذى أكدته كل المصادر أن "عمرو بن العاص" أعطى فى هذه المعاهدة الأمان (لكل آل المصر). وتحت لفظ (المصر)، انضوى كل سكان مصر بغض النظر عن أصلهم ومعتقداتهم. ولم يرد فى هذه المعاهدة أى ذكر ليهود مصر، لكن ورد ذكر النوبة والبجة. فلم تسمح المعاهدة للنوبيين خارج حدود مصر بسكنى مصر أو الإغارة على حدودها الجنوبية، كذلك الحال بالنسبة للبجة الذين كانوا يسكنون الصحراء الشرقية ويغيرون على حدود مصر. أما الروم، فنصت المعاهدة على خروجهم من مصر، وقصدت بهم القوات البيزنطية المحاربة. أما بصدد الجزية التى فُرضت على أهل الذمة فى مصر، مسيحيين ويهود، فكانت أربعة دنانير فى العام للذمى الغنى، ودينارين للذمى المتوسط الحال، ودنيار واحد للذمى الفقير. وأعتُبرت الجزية ضريبة على الرؤوس تسقط عن صاحبها باعتناقه الإسلام.
[النظم الإدارية والمالية والاجتماعية فى مصر منذ الفتح حتى عهد عبد الملك]
ليست هنالك تغييرات مفاجئة ظاهرة للعيان فى الحد الأدنى للإدارة فى مصر من الفتح حتى حلول القرن