(كلمة عربية هي: لغة ما حُمى من شئ، ومنها الأرض الحِمى): رقعة ممتدة من الأرض فيها بعض الزرع يعلن الذين انتحلوا ملكها سواء كانوا فردًا أو أكثر أنه ممنوع دخولها أو استغلالها، وهذا النظام الذى يرجع إلى أيام العرب الجاهلية له أصل دنيوي فيما يظهر. ذلك أن شيوخ البدو الأقوياء أرادوا أن يحموا قطعانهم من مضار الجفاف واحتفظوا لأنفسهم بحقوق الرعى والرى فى بعض المراعى الخصبة. وثمة قصة ذائعة الصيت عن كليب بن ربيعة المشهور مفادها أنه استحوذ على بعض المراعى وحدد حدود حماه بمسمع نباح كلب. وأقبلت ناقة غريبة ترعى فى وسط حماه فرماها بسهم جرحها جرحًا مميتًا. وانتقم جسَّاس منه فقتله. ويقال إن هذا كان منشأ الحرب المشهورة بحرب البسوس.
وكان الحمى فى كثير من الأحيان يوضع تحت حماية رب قبلى، ومن ثم يشبه بالحرم الذى كان له الامتيازات نفسها. فقد مُنع حيوانه ونباته، كما كان من حقه أن يُلتجأ إليه، وقد اشتهرت منعة حمى صنمين همَا فَلس وجَلْسَد، وكانت الأنعام المخصصة له تُرى آمنة لا يجسر أحد على أن يقتلها أو يسرقها. والحيوان الضال الذى يتجاوز حدود الحمى يصبح ملكًا لصاحب الحمى، ذلك أنه يدخل بذلك فى رعاية إله الحمى.
والقرآن الذى لا يعترف إلَّا بالحرم (سورة القصص، الآية ٥٧؛ سورة العنكبوت، الآية ٦٧) قد أشار مع ذلك إشارة حكيمة إلى الحمى حين أثار قصة النبي صالح {وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}(سورة هود، الآية ٦٤؛ سورة الأعراف، الآية ٧٣). وواضح أن الآية تشير إلى حيوان موقوف على العيش آمنًا فى أرض الله. على أن الإسلام الذى أصبح معترضًا على وسم الحيوانات وتكريسها للآلهة (سورة المائدة، الآية ١٠٣؛ سورة الأنعام، الآية ١٣٨) كان