البدوية، التى نيط بها حراسة المنطقة، هروب الجبناء الرعاديد، إذ دخل فى روعهم أن جيوش السلطان قد تخلت عنهم.
وأثلج صدر أيوب، قبل أن توافيه منيته بقليل، ما سمعه من أن أولاد داود الكبار قد انتابهم السخط لانتقال السلطان فى الكرك إلى أخيهم الصغير، فهاجموا أخاهم هذا وأخذوه أسيرًا، وقرروا تسليم مقاليد الأمور إلى أيوب بدلًا منه، فأنفذ أيوب فى الحال أحد أمرائه على رأس جيش ليستولى على الحصن. وتوفى أيوب فى الخامس عشر من شعبان سنة ٦٤٧ هـ (٢٣ من نوفمبر سنة ١٢٤٩ م).
وكان أيوب سياسيًا ولكنه لم يك قائدًا؛ فقد كان على الأقل لا يقود جيشه بنفسه إلا نادرًا. وكان أكبر ما يطمح إليه إنشاء دولة كدولة صلاح الدين والكامل تتألف من مصر وفلسطين والشام وبلاد ما بين النهرين. وفى أواخر عمره كان قد حقق جزءًا كبيرًا من حلمه، إلا أن إمارة حلب المستقلة وإمارة الموصل لم تكونا خاضعتين لنفوذه. وقد قوى مركزه بإنشاء فرقة من المماليك، وهو إجراء أملته عليه الضرورة فى ذلك الحين، إلا أنه أدى كما حدث فى كثير من الحالات المماثلة لذلك، إلى سقوط دولته آخر الأمر وكان هو نفسه يكبح جماح أمرائه وعماله فلم يكونوا يجرؤون فى حضرته على الكلام دون أن يبدأهم هو بالكلام، وكان يهتم اهتماما عظيما بإقامة العمائر، بل لقد كان ذلك يقع منه وقع المتعة يفرط فيها المرء ويبالغ. وكانت قصوره فى شبه جزيرة الروضة بالنيل وفى الكبش، ومدرسته، ذائعة الصيت فى تلك الأيام. وقد أنشأ مدينة الصالحية ثغرًا للدفاع عن حدود مصر.
[المصادر]
Geschichte der Chalifen: Weil، جـ ٣.
صبحى [سوبرنهايم M.Sobernheim]
[الملك الصالح]
نور الدين إسماعيل من بيت زنكى، وابن أتابك حلب ودمشق؛ وقد خلف نور الدين بن زنكى أباه على العرش سنة ٥٦٩ هـ (١١٧٣ م)، وعمره أحد