نظرًا لارتباط السياسة الدينية للفاطميين ارتباطا شديدا بعقائد الإسماعيلية، فإنه لا يمكن معالجتها بالتفصيل هنا ويمكن للقارئ المهتم أن يرجع إلى مقالة (الاسماعيلية) وإلى كتالات مادلنج Madelung، التى بيَّن فيها الإصلاحات التى أدخلها على هذه العقائد كل من عبيد اللَّه والمعز، ونظريات الاسماعيلية الفرس والانشقاق الحادث زمن الحاكم والتطور الحادث زمن المستنصر.
- لقد كان على الخلفاء الفاطميين الأوائل أن يقدموا أنفسهم بصورة مختلفة عن الإسماعيلية فناهضوا الأفكار المتطرفة والهرطقة التى قد تشكل خطرًا عليهم.
وكان عليهم أن يواجهوا حقيقة أن الآمال التى ربطها الإسماعيلية بظهور المهدى لم تعد حقيقة قائمة، فشريعة محمد لازالت حية لم تلغ، والمعانى الباطنية للقرآن والطقوس الدينية لم تتجلَّ ولم يظهر الشرع الموعود الذى يختفى فيه الحد الفاصل بين ما هو (ظاهر) وما هو (باطنى) ولم يتم الإعلان عنه، كما أن الحكم الفاطمى لم يَغْمُر العالم كله بل على العكس أنه يواجه الصعوبات. وقد اضطر الخلفاء الفاطميون للإبقاء على الفروض الأساسية للاسلام، كما اضطروا إلى الإبقاء على (الظاهر) جنبا إلى جنب مع (الباطن). ولما كان من المفروض أن يتم الانتصار على كل الكفار بظهور المهدى، فقد كان لابد من ذريعة تفسر تأخير هذا الانتصار فكان أن قيل إن هذا الانتصار الذى سيتم على يد المهدى قد أُرجئ إلى آخر الزمان، وأن كل مهمة المهدى الآن هو إعادة الحق لأسرة آل بيت النبى وأنه لابد من استمرار الدعوة عن طريق المهدى وخلفائه حتى يحقق اللَّه وعده بظهور القائم، وقد قام القاضى الفاطمى الكبير المعروف بالقاضى النعمان بتفصيل هذا النظام فى كتابه (دعائم الإسلام) ولم يكن فى عروضه يختلف اختلافا جوهريا فى كثير من النقاط مع العلماء السنّة. وبشكل عام فإن الخلفاء الفاطميين الأوائل بدوا انتهازيين متحوّلين