ظهر القائد المغولى هولاكو -الذى كان قد غزا فارس- أمام بغداد فى عام ٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨، كان آخر خليفة وهو المستعصم، وغير قادر على القيام بأية مقاومة جادة.
ويعد غزو المغول لبغداد، والقضاء على الخلافة كارثة كبيرة فى تاريخ الإسلام والحق أن هذين الحدثين هما نهاية عصر -لا فى الأشكال الخارجية الظاهرية للحكم والسياسة فحسب- بل أيضا فى الحضارة الإسلامية ذاتها، التى تدفقت وتدافعت بعد التحول الذى فرضته موجة الغزو التتارى العارم، فى مسارات جديدة، تختلف عن تلك التى كانت فى القرون السابقة. وهكذا لم تعد الخلافة مؤسسة ذات فعالية، ولم يفعل المغول أكثر من أن يلقوا بشبح شئ مات بالفعل. ولم تحدث الغزوات المغولية تأثيرا كبيرًا فى الأجهزة الحقيقية للسلطة الزمنية؛ ولكن التغيير الوحيد هو أن السلطنة قد بدأت تكتسب الاعتراف الشرعى، وبدأ السلاطين ينتحلون لأنفسهم ألقابا وامتيازات كانت مقصورة من قبل على الخلفاء.
[الخلفاء العباسيون فى مصر]
ذكر "ر. هارتمان R.Hartemann" عن تأسيس الظاهر بيبرس لخلافة عباسية فى الظل فى القاهرة فى عام ٦٥٩ هـ/ ١٢٦١ م. إن اختفاء الخلافة من بغداد أوجد فراغا سياسيا، لم يؤثر فحسب فى رجال الدين بل أيضًا فى الحكام المدنيين، الذين كانوا لا يزالون يستشعرون الحاجة إلى سلطة ذات وضع قانونى. وقد اعترف أبو نص شريف مكة، رسميا بالحاكم الحفصى فى تونس "أبو عبد اللَّه"، الذى اتخذ لقب الخليفة، تحت الاسم الملكى المستنصر فى ٦٥٠ هـ/ ١٢٥٣ م. . وقد اكتسب هذا اللقب قيمة جديدة باعتراف (أبى نُمَىْ) وتأكد بالتصرف الذى أقدم عليه المماليك بإرسالهم تقريرا عن النصر الذى تحقق فى عين جالوت، إلى "أبو عبد اللَّه" متوجهين إليه باسم أمير المؤمنين. أما بيبرس، وكان أقوى من