الراجح أن هذه الكلمة مشتقة من كلمة "شعر" التى قد تكون من أصل سامى قديم، ذلك أننا نجد فى العبرية كلمة "شير" بمعنى الترتيلة الدينية، وما أبعد أن تكون مشتقة من الفعل العربى "شعر" كما يقول فقهاء اللغة العرب. ولعل كون هذا الفعل لا يستعمل بمعنى نظم القوافى لينطق فى ذاته بما يخالف مثل هذا الاشتقاق. (قال كولدتسيهر فى مؤلفه Abhandl. z Arab. Phil، أن الشاعر هو "من أوتى المعرفة الملهمة" وقد ضاع أصل الكلمة فى طوايا الماضى السحيق؛ ومع أنه لا يوجد فيما بلغ إليه على أى نقش عربى قديم يشتمل على أبيات ما من الشعر فإننا لا نستطيع أن نتخذ ذلك حجة على أن الشعر لم يوجد فى هاتيك الأيام، ذلك أننا نجد تلك الحقيقة المشهورة قائمة وهى أن أقدم شواهد الشعر العربى التى نستطيع أن نحكم بأنها صحيحة أصيلة، كانت تسير بالفعل على قواعد من البحور والقافية. ولا مناص من أن تلتزم القصيدة القافية، ولكن الشاعر فى أقدم ما بقى لنا من شواهد فنه يستخدم بحورا لا يقرها نقاد القرن الثانى للهجرة ولا يعرفونها (ومن قبيل ذلك قصائد عبيد وامرئ القيس، وعمرو بن قميئة). وكذلك نجد فى الأزمنة القديمة بأن البحر لم يكن صحيحًا فى جميع الأحوال وهذا الأمر كان فيما يرجح أكثر تواترًا مما نستطيع أن نجزم به الآن، حتى وإن كان البحر الذى يستخدمه الشاعر يتفق مع بحر من البحور الستة عشر التى وضعها الخليل ابن أحمد، وشاهد ذلك أن بيتًا من أبيات زهير قد حوى من المقاطع أكثر مما استطاع النحويون تقويمه.
ومما له شأن أيضًا أن أقدم شواهد الشعر العربى نظمها شعراء كان لهم جاء فى قبائلهم.
ويميل بعض الكتاب إلى إعتبار أن الشاعر والكاهن كانا فيما يرجح شيئًا واحدا، وهو رأى لا نستطيع أن نسلم به، ذلك أن الشعر العربى فى العهود القديمة كان بعامة ينأى عن الأمور الدينية. ومن الحجج الوجيهة التى تؤيد رأيى أنه بوجه عام قد التزم أشد الالتزام الأمور الدنيوية.