جبل يارجو، ومن أعالى الهضاب كان يستطيع الإشراف على ما يجاورها فيتيسر له حكمها إذا كانت لديه القوة الكافية لذلك، كذلك كان فرسانه الخفاف قديرين على أن يقوموا بهذا النوع من أعمال الاستطلاع وبالغارات السريعة والحراسة الدائمة".
وكانت المشكلة الرئيسية التى واجهت المدينة هى مشكلة إمدادها بالمياه، وقد تمكن الرومان من حلها قبل ذلك ومن بعدهم العرب، حيث يوجد على بعد بضعة أميال جنوب القيروان نظام لرفع المياه أطلق عليه اسم قصر الماء، وكان هذا النظام يعتمد على نقل المياه عبر قناطر [مجرى للماء مثل مجرى العيون الشهير بالقاهرة] تمتد لمسافة ٣٣ كم وتعرف اليوم باسم دواميس.
وتعتبر الآبار والصهاريج [المواجل] التى كانت تغذى كافة المساجد والبيوت من بين الإنجازات الهامة الكبرى لعصر الأغالبه. وقد أشاد كل الجغرافيين بخصوبة المنطقة حتى منتصف القرن الخامس هـ/ الحادى عشر الميلادى.
وعموما فإن المنطقة التى اختيرت لبناء القيروان كانت -علاوة على أهميتها الاستراتيجية- عرضة للتطور لتوفير أساس اقتصادى كان يمكن أن يكون كافيا لتتحول المنطقة إلى مدينة كبيرة ولكن الخطأ البشرى وحده قد لعب دوره فى تحويل هذه المنطقة إلى صحراء.
[٢ - التاريخ]
لم تكد القيروان تؤسس حتى هجرت، إن كارثة "تَهُوذة" الواقعة جنوب بسكرة قد أودت بحياة عقبة بن نافع مؤسسها الأصلى وجميع أتباعه الذين قتلوا عن آخرهم. ومنذ ذلك الوقت بدأت الهجرة نحو الشرق، وقد أقام بها الغازى البربرى كسيلة واتخذها مقرا له، -لا سيما بعد أن هجرها جميع سكانها من العرب المسلمين- واتخذها عاصمة لمملكته التى لم تدم طويلا (٦٤ - ٦٩ هـ/ ٦٨٤ - ٦٨٩ م) وقام كل من زهير بن قيس البلوى وحسان بن النعمان بصفة خاصة باستعادة المدينة من جديد. وبدأ البربر فى تهديد عاصمة المغرب بعد مرور أربعة عقود من السلام، وفى عام