للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التماثيل التى رآها الفاتحون، بل إن (البكرى) يقرر أن مكان سوق الدرب كانت تشغله كنيسة، كذلك تتفق أغلب المصادر (ابن عبد الحكم، المالكى، البكرى، ابن ناجى، ياقوت الحموى) على أنه كان يشغل موضع القيروان مدينة قديمة تعرف باسم قونية أو قمونية.

وكان اختيار هذا الموقع لتقوم به القيروان مثارًا للجدل حيث يرى البعض أنه لم يكن هو الموقع الملائم للعاصمة ومن ثم فقد أسئ اختياره، ويأتى على رأس هؤلاء ابن خلدون ويشاركه نفس الرأى بعض العلماء المحدثين.

والواقع أن هذا الموقع لم يساء اختياره كما يعتقد، فكما سبق القول فإنه كان يشغل هذا الموقع مدينة قديمة ولذلك فإنه عندما أسست المدينة لم تصبح كسهل واسع خال من الشجر، وعلى الرغم من عدم وجود تغير مفاجئ فى المناخ فإن المستوطنين قد تحولوا إليها بصورة جديرة بالاعتبار. ويقرر (ابن عذارى) أنه عند تأسيس المدينة أمر عقبة بإزالة الأشجار فى حين أنه فى القرن ٤ هـ/ ١٠ م يقول (البكرى) "ومن عجائب القيروان إنهم يحتطبون الدهر من زيتونها ليس لهم محتطب غيره وأن ذلك لا يؤثر فى زيتونها ولا ينقص منه" كما أن التربة كانت غنية جدًا بسبب الطمى [الغرين] الخصب لكل من واديى زَرُود ومِرْجلل.

ويكفى للتدليل عن حسن اختيار موقع المدينة من الإشاره إلى ما ذكره [كودل] بقوله "وكان اختيار المكان موفقا بل بلغ من التوفيق فى اختياره أن ولاة المغرب ومن خَلَفهم من الحكام المستقلين أقاموا بها زمانا طويلا، ولم ينتقلوا عنها إلا حينما اضطرتهم ظروف سياسية جديدة إلى ذلك، كما كان موقعها الحربى معروفا ملحوظ الأهمية: إذ كان الحاكم الذى يتخذ هذا الموضع مركزًا لأعماله يستطيع أن يرى العدو من بعيد ويتحرز من الغارات المفاجئة الكثيرة الحدوث عند البربر، وإذا أراد أن يطاردهم إلى هضابهم وجد الطريق مفتوحة أمامه إذ كان يستطيع بعد مسير بضع ساعات أن يصل إلى أعالى الهضاب عن طريق وادى زرود ووادى مِرْجِلل ومسالك