فى الواقع، ورئيسًا للحرس أو مصححا للأخطاء، كما يظهر فى بعض الأحيان رئيسًا للوزراء، أو رئيسًا للحكومة. واللفظ حاجب نفسه مشتق من الفعل "حَجَب"، ويجب أن نعده هو وحجاب وستر يدل على الستارة التى تستعمل وفقًا لعادة منتشرة فى المشرق قبل الإسلام، لحجب السلطان عن نظرات الحاشية أو الزوار (وانظر عن الحجج المناهضة لهذه العادة والمؤيدة لها رسالة الجاحظ: كتاب الحجاب فى الرسائل، طبعة السندوبى، القاهرة سنة ١٣٥٢ هـ = ١٩٣٣ م. ص ١٥٥ - ١٨٦، الأبشيهى: المستطرف، فصل ١٧).
[١ - الخلافة]
ظهر الحاجب فى الأوائل الأولى من العصر الأموى. وقد سجل بعض الإخباريين - فى عناية - أسماء الأشخاص. أحرارًا وموالى. الذين كانوا حجابًا للخلفاء الأولين، من عهد معاوية إلى العهود التى تليه. وتثبت نصوص شتى أن الاحتفالات الرسمية حتى فى ذلك العصر كانت قد اتسعت بالفعل حتى أصبح فى الإمكان أن ندرك على الفور شأن الحاجب. ولم تقتصر مهمة الحاجب على تقديم الأصدقاء والزوار إلى حضرة السلطان، بل كان أيضًا يشرف على تنظيم المقابلات الهامة التى يصطف فيها الحاضرون جماعتين كل جماعة تنتحى جانبًا من القاعة تاركين الوسط خاليًا لأولئك الذين يؤذن لهم بمخاطبة الخليفة. وفى هذا الوقت كان الحاجب يظهر فى حاشية الخليفة على مستوى "الكتّاب" دون أن يدعى بأنه يساوى فى المرتبة ممثلى الأرستقراطية العربية.
وتغير هذا الموقف تغيرًا كبيرًا بقدوم العباسيين الذين أضفوا مكانة سامية على مساعديهم الموالى. وأصبح أهم منصبين فى البلاط هما منصب الوزير ومنصب الحاجب، وكلاهما خصص للموالى الذين كانوا فى بعض الأحيان من اصل وضيع جدًا. وكانت رتبة الحاجب دون رتبة الوزير كما يتضح من البيان الخاص بكيف أسندت الوزارة للحاجي الربيع بن يونس فى عهد المنصور. والحاجب، الذى كان يعين من بين خدم القصر، كان رئيسًا لموظفى القصر الخصوصيين كما كان رئيسًا للتشريفات. وكان يناط به فى بعض الأحيان أيضًا التخلص بالوسائل