العنيفة من الأشخاص الذين ضايقوا الخليفة. ومن الواضح أنه كان ثمة منافسة دائمة فى القرنين الأولين من العصر العباسى، بين الوزير الذى لم تكن اختصاصاته قد حددت تحديدًا واضحًا وإنما كان يعاون الخليفة فى مهام الإدارة والحكم، وبين الحاجب الذى كان يحاول فى بعض الأحيان التخلص من الوزير القائم بالوزارة والحلول مكانه. وكان الحجاب، وهم من خدم القصر السابقين، المنافسين للكتاب المحترفين الذين كان يختار من بينهم فى أغلب الأحيان الوزراء. ومن ثم فإن الحاجب الربيع بن يونس فى عهد المنصور قد أسندت إليه الوزارة بعد عزل أبى أيوب، ثم حدث من بعد فى عهد هارون، ان أقيم ابنه الفضل وزيرًا بعد نكبة البرامكة. وفى منتصف القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) بقيت هذه المنافسة ملحّة، على أن الحجاب فى ذلك الوقت قد جرت العادة بأن يختاروا من بين الغلمان الأتراك للخلفاء. وهكذا كانت حالة إيتاخ صاحب المتوكل الذى ألفى نفسه شاغلا أرفع منصب حين قرر الخليفة أن يتخلص من وزيره.
وفى نهاية هذا القرن تقلص سلطان الحاجب بعض التقلص، إذا قورن بسلطان الوزير الذى أصبح فى الواقع رئيسًا للحكومة بمؤازرة هيئة من الكتاب المتخصصين تخصصًا على درجة عالية، وأصبح ينافسه أيضًا الأمير الذى كان فى ذلك العهد القائد الأعلى للجيش. على أن نفوذ الحاجب ظل أمرًا لا يمكن إنكاره، وقد وضح للعيان وخاصة حين كانت تقوم فتن فى القصر، ذلك أنه كان تحت إمرته مباشرة سرايًا من الحرس أهمهم "المصافّيّة، ولذلك كان موقف الحاجب سوسن هو العامل الفاصل فى الانقلاب الفاشل ضد المقتدر سنة ٢٩٦ (٩٠٨ م). وفى عهد هذا الخليفة أصبح حاجب آخر - هو نصر القشورى، الذى ظل يشغل منصبه باستمرار من سنة ٢٩٦ هـ (٩٠٨ م) إلى سنة ٣١٧ هـ (٩٢٩ م) بينما راح الوزراء يتغيرون - يلعب دورًا هامًا فى اختيار الوزراء، وكان يدخل فى مسئووليته - علاوة على ذلك - اعتقالهم حين كانوا يفقدون رضا الخليفة.