التأويل في الأصل معناه -بوجه عام- التفسير والشرح، وفي بعض آيات القرآن التي ترد فيها هذه اللفظة نراها تشير إشارة واضحة إلى الوحى الذي ينزل على النبي محمد [- صلى الله عليه وسلم -]. وقد صار استعمال لفظ التأويل بعد ذلك مقصور، على هذا المعنى الخاص، وكانت من ثم تعنى شرح معاني القرآن، وصارت حينا ما مرادفة للفظة تفسير، ثم اكتسبت اللفظة نصيبا أوفر من التخصيص ولو أنها لم تقتصر على هذا المعنى وحده، وصارت اصطلاحًا يطلق على تفسير مادة القرآن؛ والتأويل في هذا المعنى الأخير يكون جزء، إضافيًا هامًا للشرح اللفظى الظاهرى للقرآن الذي صار يسمى بالتفسير، ولم يجد علماء السنة مسوغًا لإنكاره ما دام لا يناقض المعنى الظاهر الحرفى للقرآن أو السنة. ولكن المسألة تغيرت عندما أصبح التأويل لا تراعى فيه هذه الشروط. والصوفيون وإخوان الصفا والشيعة والمدارس الفكرية التي لم تمرق من الإسلام ولكنها انحرفت إلى حد ما عن طريق السنة وجدوا جميعهم في التأويل أداة صالحة لجعل آرائهم متفقة مع المعنى الحرفى للقرآن بل ذهبوا إلى حد استنباط آرائهم من نصوصه، وإلى جانب التفيسير الحرفى لنصوص القرآن نشأ تفسير رمزى النزعة وجد في ثنايا القرآن أفكارًا بعيدة عن المألوف، وقد صارت المدارس المتطرفة ترى في هذا النقل والتحوير للمعنى الظاهر السبيل الوحيد لتفهم القرآن، وبذلك اهملوا التفسير التقليدى بل صارت أحكام القرآن في رأى أصحابها غير واجبة الاتباع.
وكثير من وجوه استعمال التأويل يمكن -كما أشار كولد تسيهر- أن ترد إلى تأثير أشياع الأفلاطونية الجديدة وبخاصة "فيلون" وقد كان هذا الأسلوب نفسه النتيجة المباشرة لضرورة توطيد مكانة الآراء الجديدة بتفسير مستحدث لألفاظ الوحى التي وصلت إلينا. والتأويل الرمزى يمكن اعتباره في جوهره إسلامي الأصل والنشأة.