للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخيرا إلى "التهافت الثالث" وهو من تأليف التركى "خوجة زاده" فى القرن ٩ هـ/ ١٥ م، وقد استمد عنوانه من عنوان كتاب الغزالى وسعى فيه إلى مناقضة كتاب ابن رشد "تهافت التهافت".

[(جـ) علم الكلام والمذاهب الفقهية]

يقدم علم الكلام نفسه باعتباره موضحا للعقيدة ومدافعا عنها؛ ومن هذا المنطلق نازل المعتزلة الزنادقة والحرفيين فى القرون الهجرية الأولى، ثم جاء الأشاعرة وتحدوا المعتزلة والحرفيين والفلاسفة. إلا أننا نجد الحنابلة وكذلك الظاهرية الخارجة على الاجماع يرفضون الاعتراف بهذا المنهج، وذلك لأن الحنبلية والظاهرية كليهما مذهب فقهى، الأمر الذى حدا بهما إلى رفض المحاجاة الجدلية التى اتبعها المتكلمون، وقد ارتأوا أن يضطلعوا هم بدور الدفاع عن العقيدة الذى زعم "الكلام" قيامه به. وعلى ذلك فلربما يجد المرء فى أعمال بعض المؤلفين من أمثال "ابن حزم" أو "ابن تيمية" الكثير من الشروح على صفات اللَّه، وأفعال البشر، والنبوة والأيمان، والتى تتضمن الكثير من الخوض فى الإهيات، كما هو الحال مع بعض مصنفات الأشاعرة المتأخرة والمُصَّحفة.

ومن جهة أخرى فإن المذاهب الفقهية الأخرى توصلت إلى تسوية سهلة مع علم الكلام ومناهجه وأساليبه فى المحاجاة. ونحن هنا نتعامل مع مواقف نابعة من توجهات فكرية مختلفة، ومع الصلة بين الكلام والفقه التى سبق للفارابى التأكيد عليها. ويتعين علينا ألا ننسى ذلك. ويمكن القول بأن المذهب الأشعرى تطور بمنتهى اليسر فى المناخ الشافعى، وأحيانا فى المناخ الحنفى، ثم فى المناخ المالكى آخر الأمر. كما أن ما عرف بالنزعة الماتريدية كان فى أوائل أيامه وثيق الصلة بالمذهب الحنفى إلى حد يمكن معه الحديث عن توجه "حنفى ماتريدى". وأخيرا فإن الترحيب الذى لقيه مذهب المعتزلة من الطوائف غير السنية -وبصفة خاصة الزيدية- كان أمرا على قدر كبير من الأهمية.

وعلى ذلك فحين نرغب فى تقييم مكانة علم الكلام فى الفكر الإسلامى، ينبغى عدم اعتباره مبحثا تطور بطريقة