هو إصرار الرجل الثابت الدين الواسع العلم- على الحق، لا إرضاء لفلان، أو خوفا من فلان.
وأما القصة الغرامية التى نقلها الكاتب عن فهرست ابن النديم فحسبنا أن نقول إن ابن النديم لا يعتدّ بقوله فى مثل هذه الأمور.
ويريد الزهرى بالعبارة التى نقلها عنه تلميذه معمر: أنهم كانوا يتحرجون من تأليف الكتب، ثم رأوا طاعة أمرائهم، ثم اقتنعوا بفائدة ذلك، نشرا للعلم بين المسلمين. أما الكتابة نفسها، فقد كانت شائعة عند أهل العلم -مع اعتمادهم على الحفظ- وفى نفس الصفحة من ابن سعد، قبل هذا الخبر (جـ ٢، ق ٢، ص ١٣٥) خبر عن صالح بن كيسان، زميل الزهرى فى الطلب، يتضمن أنهما اشتركا فى كتابة ما جاء عن النبى (-صلى اللَّه عليه وسلم-)، ثم أراد الزهرى أن يكتب ما جاء عن الصحابة "فإنه سنّة" فخالفه صالح ابن كيسان، ولم يرض أن يكتب ذلك. قال صالح:"فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيَّعتُ".
ونزيد على المصادر التى فيها أخبار الزهرى، مصدرين عظيمين، هما "تذكرة الحفاظ للذهبى، جـ ١، ص ١٠٢ - ١٠٦"، وتاريخ الإسلام للذهبى، جـ ٥، ص ١٣٦ - ١٥٢.
أحمد محمد شاكر
[زهير بن أبى سلمى]
واسم أبى سلمى ربيعة بن نباح بن قرة المزنى (والنسب فى ابن قتيبة خطأ شأنه فى أكثر الأحيان)، وكان زهير من شعراء الجاهلية، وقد عده نقاد زمنه أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء الجاهليين، والاثنان الآخران هما امرؤ القيس والنابغة؛ وكان زهير من مزينة، بيد أنه ولد فى بنى عبد اللَّه بن غطفان، وقضى معهم طيلة حياته، وكان أبوه ربيعة قد تزوج من أخت رجل يسمى كعب بن سعد من عشيرة مرة بن عوف ابن سعد بن ذبيان، واستقر بينهم. على أنه نشب خلاف على ما أصابوه من نعم وأموال فى غارة على طيئ، فهجرهم ربيعة واتخذ مقامه بين قبيلة بنى عبد اللَّه بن غطفان التى تربطها