للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما أقسام الصبر بحسب اختلاف القوة والضعف فالناس فى ذلك على ثلاثة أحوال: (أ) أولئك الذين يقهر داعى الهوى فى نفوسهم فلا تبقى له قوة المنازعة، وهؤلاء هم الصديقون المقربون (ب) أولئك الذين تغلب فى نفوسهم دواعى الهوى وتسترقهم شهواتهم. (ج) أولئك الذين تدور الحرب فى نفوسهم سجالا بين الباعثين، وهؤلاء هم المجاهدون" عسى اللَّه أن يتوب عليهم. ويروى الغزالى أن بعض العارفين قال إن أهل الصبر على الثلاثة المقامات: أولها ترك الشهوة وهذه درجة التائبين؛ وثانيها الرضا بالمقدور، وهذه درجة الزاهدين، وثالثها المحبة لما يصنع به مولاه، وهذه درجة الصديقين.

ويبين الغزالى تحت العنوان السادس كيف أن المؤمن يحتاج إلى الصبر فى جميع الأحوال: (أ) فى الصحة والمرض، وتتضح هنا الصلة الوثيقة بين الصبر والشكر (ب) كل ما عدا ذلك كما فى أداء الواجبات الشرعية، والامتناع عن المحرمات، وكل ما يصيب المرء على غير إرادته سواء من غيره من الناس أو بقضاء اللَّه.

ولما كان الصبر شاهدًا على الصراع بين الباعثين، فإن أثره المحمود يشمل كل ما يقوى باعث الدين ويضعف باعث الشهوة. وإضعاف باعث الهوى يكون بالزهد، واجتناب كل ما يقوى هذا الباعث كالعزلة، أو ممارسة المباح كالزواج. أما تقوية باعث الدين فيكون أولا بإطماعه فى فوائد المجاهدة وثمراتها مثل قراءة أخبار الصديقين والأنبياء؛ وثانيًا أن يعوِّد هذا الباعث مصارعة باعث الهوى تدريجا قليلا قليلا حتى يدرك لذة الظفر بعزيمة الصبر.

[المصادر]

علاوة على المراجع الواردة فى صلب المادة:

(١) Dict. of Tecknical terms: Sprenger، جـ ١، ص ٨٢٣ وما بعدها.

(٢) La Mystique d'al-Gazzali: Palacios M. Asin، فى Melanges de la Faculte