شبَّب ويستخدم التشبيب كمرادف للغزل والنسيب إلّا أنَّ هذا المصطلح الأخير -فيما يقول ابن دُرَيد- هو الأكثر استخداما.
والتشبيب يقينا مشتق من الفعل شبَّبَ (شبَّ يشبُّ شبابًا وشبيبة. . والشبيبة خلاف الشيب. .)، ومع أن مصطلح النسيب هو الأكثر استخدامًا إلا أنَّ أصله اللغوى غامض لكنَّ ذلك لا يمنعنا من إيجاد صلة بينه وبين النَّصب، وفى لسان العرب (النَّصب أن يسير القوم يومهم وهو سير ليِّن، ومنه قول الشاعر:
كأن راكبها يهْوى بمنخرقٍ ... من الجنوبِ إذا ما ركْبُها نَصَبُوا
والنَّصب نوع من تفجّع راكب الجمل يشبه الحداء.
[الغزل فى الشعر العربى]
لا يمكن أن تكون قصيدة الغزل العربية موضوعا لدراسة تاريخية ونقدية إلّا منذ الربع الأخير من القرن السادس الميلادى من خلال ما وصلنا من قصائد امرئ القيس وطرفة وغيرهما، وتشير الأدلة إلى أن كثيرا من شعر الغزل قبل هذه الفترة -مثله مثل الحداء- كان مرتجلا وابن لحظته لذا لم يصلنا منه شئ. لكن متى وأين وفى ظل أية ظروف ظهر تقليد بدء القصيدة العربية باستهلال غزلى، ذلك التقليد الذى أصبح عرفًا فى القرن السابع للميلاد وأطلق عليه اسم النَّسيب؟ إن إجابتنا عن هذا السؤال المتشعب لا تعدو أن تكون تخمينا، وربما كان سبب هذا التقليد أن القصيدة قد تحولت من مجرد شكل إلى حركة غنائية مفعمة بالتعبير عن الذات بشكل صارخ كما يتجلى ذلك فى الفخر والتعبير المشبع بالغرور، ففى هذا الجو النفسى دخل النَّسيب ليكون جزءا من القصيدة يعبر فيه الشاعر عن شهواته ووجده فى آن معا، والحقيقة أننا نجد عند الطوارق الشئ نفسه مقترنا بالفخر، فليس الأمر إذن قاصرًا على العرب، ويبدو أن إدراج النسيب فى قصائد بدْو وسط شبه الجزيرة العربية وشرقها كان فى المرحلة الأولى بتأثير شعراء من سهوب الفرات وهو ما يقول به الباحثون العراقيون إلّا أنَّ هناك