فى عام ١٨٥٤، ومع تنصيب لويس فايد هرب حاكما للسنغال، زادت وحشية السياسة الفرنسية تجاه القبلة، حتى تم أخيرا طرد المغاربة من شواطئ النهر، واضطر الأمراء فى ترارزا إلى توقيع معاهدة اعتراف بالسيادة المطلقة. لفرنسا على الناس والتجارة. وحقيقة، لم يكن لدى الأمراء سلطة ولا قوة ذاتية، وإنما كان تأثيرهم متوقفا على شخصياتهم ومواقعهم الاجتماعية، وتركيبة الجماعة داخل عشيرة حسان، أو العشائر الأخرى فى المنطقة (الإسلام والنظام الاجتماعى، أكسفورد ١٩٧٣، ٩٣). ولنحو ٥٠ عاما ظلت تلك المعاهدة موضع الاحترام، مما أتاح لفرنسا عمل اتفاقات تجارية بعيدا حتى تارجانت والأدرار. وبنهاية القرن تراجع الموقف فى القبلة إلى الحد الذى هدد التجارة على ضفتى نهر السنغال، وباتت هزيمة موريتانيا أمرا حتميا. ولم تجد محاولة استغلال نفوذ المرابطين، ولا مشايخ الطرق إلا قليلا، ثم احتلت ترارزا عام ١٩٠٣ وبراكفا عام ١٩٠٤ وتاجانيت عام ١٩٠٥، ثم استسلم شمال موريتانيا فى عام ١٩١٣.
[(ح) الجمهورية الإسلامية الموريتانية]
فرضت الحماية الفرنسية على إقليم مقاربة شرق أفريقية الفرنسى فى عام ١٩٠٣. وفى ١٧ أكتوبر ١٩٠٤ حكم الإقليم مدنيا، ثم لم تلبث موريتانيا أن صارت مستعمرة فرنسية طبقا لقانون ٤ ديسمبر ١٩٢٠، وحتى الإرهاصات بالحرب العالمية الثانية. ولقد كان أول عمل للإدارة الفرنسية، هو تثبيت دعائم الحكم سلميا وبأقل كلفة، لتدخل موريتانيا ضمن التحالف الفرنسى الأفريقى الذى أعقب الحرب. وبعد ١٠ سنوات، أعلنت الجمهورية الإسلامية الموريتانية فى ٢٨ نوفمبر ١٩٥٨، وتبع ذلك نقل الخدمات من سانت لويس بالسنغال إلى العاصمة الجديدة نواكشوط، وانتخبت جمعية وطنية فى ١٧ فبراير ١٩٥٩ بالانتخاب السرى المباشر والفدى. وفى ٢٣ يونية ١٩٥٩، اختبر المختار ولد دارة رئيسا للوزارة. وبعد التوقيع على انتقال السلطة الشرعية فى باريس فى ١٩ أكتوبر