يختلفون عن رجال العلوم والفنون. وهذا يجعلنا نفهم أيضًا سبب تفوق المغاربة والدور المهم الذى لعبوه فى الفكر العربى فى الموضوعات التى تتصل بالقرآن والسنة والشريعة و"الأصول".
[مراكز التعليم]
تغيرت مراكز التعليم فى المغرب بتغيير الحقب والظروف التاريخية. ولقد كانت أولى هذه المراكز النقاط القريبة من أسبانيا، وهى سبته وطنجة ولقد سهل تأسيس مدينة فاس وبناء مسجد "القرويين" الكبير بها أن تُصبح مركزًا للثقافة بالداخل. وبعد ذلك بقليل، صارت مراكش، عاصمة المرابطين والموحدين، كما أراد حكامها، مركز جذب للعلماء المغاربة وكذلك لبعض علماء الأندلس. ولكن منذ عهد حكم بنى مرين البربر صارت فارس من القرن الثامن الهجرى الرابع عشر الميلادى مركز المعرفة فى المغرب. ولم يقتصر المرينيون على اتخاذها حاضرة سياسية بل اتخذوها قاعدة لسلسلة من المدارس حول جامع القرويين وجامع فاس الجديد، مما جعلهم يجذبون إليها الدارسين من كل أنحاء البلاد فأعطوها الشهرة العلمية التى اكتسبتها حتى اليوم. وفى عهد بنى مرين ازداد عدد المدارس خارج فاس: فى مكناس، وسالى، ومراكش، مما يُظهر أن التعليم المنتظم كان قائمًا فى هذه المدن.
إضافة إلى الدور الذى لعبته المدارس فى الحياة الثقافية فى المغرب، هنالك أيضًا نشاط الزوايا، الذى ارتبط مباشرة بازدياد عدد المرابطين والأشراف من البلاد فى الفترة التى كان الأسبان والبرتغاليون يحاولون إقامة قواعد لهم فى المغرب من القرن العاشر الهجرى/ السادس عشر الميلادى. ولقد صارت الزوايا، وهى مراكز دينية وقواعد للجهاد مراكز للتعليم. وفى الوقت الذى كانت فيه فاس تحافظ بصعوبة على طابعها كمركز رئيسى للتعليم فى البلاد، ازداد عدد الزوايا، التى قام التدريس بها، زيادة ملحوظة، وخاصة على سبيل المثال: زاوية الدِلاع فى وسط الأطلس، وزاوية تامجَرت فى أرض درعة،