سياسية، وعمل المأمون على إجبار كل علماء المسلمين على الأخذ برأى المعتزلة الذى رفضه أحمد بن حنبل (المتوفى ٢٤١ هـ/ ٨٥٥ م).
والقرآن الكريم -بالنسبة للمسلمين- كتاب مُعْجز وإذا كان لكل نبى معجزة، فإن معجزة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] هى القرآن الكريم فقد تحدّى اللَّه سبحانه غير المؤمنين بأن يأتوا بمثله أو بجزء منه فعجزوا، وتعتبر رسالة على بن عيسى (المتوفى ٣٨٤ هـ/ ٩٤٤ م) من أوائل الكتب التى خصصها مؤلفها لإعجاز القرآن الكريم حيث أقام الدليل على بلاغة القرآن وفصاحته، وإخباره بما سيقع وبروعة بيانه وصياغته غير المسبوقة. وقد ركز أحمد بن محمد الخطابى (المتوفى ٣٨٨ هـ/ ٩٩٨ م) فى كتابه البيان فى إعجاز القرآن على الجوانب البلاغية فى الإعجاز القرآنى، وقد برهن الباقلانى (المتوفى ٤٠٣ هـ/ ١٠١٣ م) على إعجاز القرآن الكريم من زاوية إخباره بأحداث الماضى والمستقبل، فهو بذلك من عند اللَّه، وركز على أمية محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وجعل من نزول القرآن العظيم على أمِّى معجزة من المعجزات. وقد أدت فكرة إعجاز القرآن الكريم وكماله إلى أن أصبح هو الأصل فى كل تشريع إسلامى، ومن ثم اتسم التشريع الإسلامى بالخلود، وأصبحت لغة القرآن مثلا يحتذى على الصعيد الأسلوبى واللغوى، وقد أدى النظر لكلمات القرآن الكريم وعباراته باعتبارها كلمات وعبارات معجزة إلى انتشار اللغة العربية فى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ليس بين المسلمين فحسب وإنما بين أصحاب الديانات الأخرى من مسيحيين ويهود، وبسبب القرآن الكريم اعتبرت الحروف العربية ذات قداسة فكتبت بها التركية والفارسية والأردية ولغات أخرى وأصبحت آيات القرآن الكريم مجالًا لعمل الخطاطين يكتبونها بخط متقن جميل، كل هذا التراث من القداسة جعل الكتابات النقدية عن القرآن الكريم غير مقبولة فى المجتمع الإسلامى المعاصر.