للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[جهنم]

وهي كلمة مشتقة من اللفظ العبرى جيحنون أو وادي هنوم (انظر سفر يشوع، الإصحاح الخامس عشر، الفقرة ٨) وكان واديًا بالقرب من بيت المقدس تقدم فيه القرابين إلى مولك في أيام العقوق. وكلمة جهنَّام- بألف بعد النون - معناها البئر العميق (١).

وقد تردد ذكر جهنم وفكرة جهنم كثيرًا في القرآن، على أنه لم تكن صورة محددة تمام التحديد، فالواقع أنه في بعض الآيات يتحدث عن جهنم وكأنها شيء يُحمل "وجاء ربك والملك صفًّا صفًّا وجئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنَّى له الذكرى" (سورة الفجر، الآيتان ٢٢، ٢٣)؛ وفي هذه الآية يمثل جهنم على صورة الحيوان، فهي أشبه بوحش هائل فغر فاه وكشف عن أنيابه وتأهب لالتهام المغضوب عليهم، وقد صوَّر أحيانًا فنانو الغرب في العصور الوسطى مطهر القديس برندان St. Brandand على هذا النحو (٢). ويفسر هذا ما ورد في آية أخرى "وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقًا وهي تفور" (سورة الملك، الآيتان ٦، ٧). ويناقش الغزالى في رسالته العجيبة في علوم الآخرة المسماة "الدرة الفاخرة" هذه الآيات الموجزة الجامعة فيقول: يأمر الله تعالى بالنار فترعب وتفزع، وتقول للمرسلين إليها من الملائكة أتعلمون أن الله خلق خلقًا يعذبنى به؟ فيقولون: لا وعزته، وإنما أرسل إليك لتنتقمى من عصاة


(١) الدعوى بأن كلمة "جهنم" العربية مأخودة من العبرية دعوى لا دليل عليها، وإن زعم ذلك بعض علمائنا الأقدمين. وقد كررنا القول في مثل هذا مرارًا في تعليقاتنا على بعض المواد السابقة. وانظر المعرب للجواليقى وتعليقنا عليه، طبعة دار الكتب المصرية سنة ١٣٦١، ص ١٠٧.
(٢) ما قاله هنا كاتب المقال ليس فيه شيء يطابق المنهج العلمي للبحث، هو يكتب على عقيدته، لا يصدق يرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليست لنا حيلة في اقناعه! ومن عجب أن يفهم من آيات سورة الفجر أنه يلوح له "أن رسول الله يمثل جهنم على صورة الحيوان" إلخ! وما أدرى من أين يلوح هذا له، ولم يلح لأحد من العرب الذين سمعوا القرآن وكفروا به قبل أن يؤمنوا) ويؤمن أكثرهم. وإنما قوله " وجئ يومئذ بجهنم، أنها عرضت عليهم أو عرضوا عليها. جئ بهم إليها، وهذا مجاز معروف للعرب، فهي في معنى قوله تعالى، (وبرزت الجحيم للغاوين) سورة الشعراء الآية ٩١ وقوله تعالى (وبرزت الجحيم لمن يرى) سورة النازعات الآية ٣٦.
أحمد محمد شاكر