بالزاى المفتوحة المخففة هو يحيى بن الحكم البكر من أهل جيان بالأندلس نعت بالغزال فى شبابه لرقته وحسن طلعته، واشتهر فى بلاط الحكم الأول الذى كان إذا عاد من حملاته المستمرة عقد حوله ندوات شعرية يشارك هو فيها، وكان الغزال فى الخمسين من عمره حين سطع نجمه فى بلاط الأمير عبد الرحمن الثانى حين اتخذه واحدا من شعرائه المقربين إليه. وكان مما زاد فى رفعة مكانة الأمير السفارة التى أوفدتها إليه توفيليوس امبراطورة بيزنطة، فلما عادت إلى بلادها صحبها سفيران مسلمان كان أحدهما الغزال وثانيهما يحيى المعروف بصاحب المنقلة، يحملان اقتراح مولاهما بعقد معاهدة ضد العباسيين فى الشرق وحلفائهم أغالبة أفريقية الذين امتد نشاطهم فى حوض البحر الأبيض المتوسط حتى هاجموا صقلية. وبعد أن فرغ الغزال من أداء رسالة الأمير عبد الرحمن وتسليم هداياه إلى توفيليوس ظل بالبلاط البيزنطى فترة استطاع فيها بحنكته وذكائه أن يتوصل للوقوف بين يدي الإمبراطورة "تيودورا" وولى عهدها ميخائيل، وأعجب الإمبراطورة ما عليه الغزال من ظرف فوصلته ببعض الحلى والمجوهرات الثمينة هدية منها لبناته.
وكان الغزال شاعرا حاضر البديهة يخشاه الناس لهجوه المقذع الذى يتسم بالصراحة، حتى صار كثير الجريان على ألسنة العامة. ولما عاد الغزال من بلاط القسطنطينية عاد محملا بالهدايا وعدة أشجار من أشجار التين، وكان زرياب قد أدخل يومذاك الأندلس لعب الشطرنج فانصرف عنه الغزال، حتى لقد نهى قريبًا له عن لعبه وذمه إليه ووصفه من "عمل الشيطان".
وقد أدت بعثة الغزال الدبلوماسية وهجوم الفيكنج على الأندلس إلى ظهور أسطورة ذاعت فى القرن الثانى عشر أو الثالث عشر وروج لها ابن دحية الأندلسى ومفادها: أن عبد الرحمن -وقد أرضته سفارة الغزال وصاحبه إلى بيزنطة- عهد إليهما من جديد بسفارة إلى البلاد الشمالية لمنع ملك الفينكنج من معاوية الهجوم على الأندلس،