للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يميل المؤرخون السنة بشكل عام للفاطميين، فلا نكاد نجد بينهم -فيما عدا المقريزى وابن خلدون- من يقر بصحّة نسبهم العلوى. وأكثر من هذا، فإن الحجة التى ساقها كل من المقريزى وابن خلدون هى أن عبيد اللَّه ما كان ليتعرض لمضايقة العباسيين إذا لم يكونوا مقتنعين بأن نسب الفاطميين العلوى لا يلقى قبولا، وسواء كان الفاطميون ينتسبون لعلى أم لا فإنهم قدموا أفكارا كانت تهدد السلطة العباسية التى كان لابد لها من أن تتعرض لهم بالمواجهة. وبينما يشير مؤيدو الفاطميين لهم بالدولة العلوية، نجد أن المؤرخين السنة يشيرون إليهم باسم العُبَيْديين والدولة العبْيدية ويسميهم ابن حماد باسم ملوك بنى عُبَيْد، ويحدثنا أبو المحاسن عن المُعز العبيْدى. . . وهكذا.

تأسيس الدَّولة:

وأيًّا مِنْ كان عبيد اللَّه سعيد هذا فقد وضع أسس الدولة الفاطمية فى الشمال الأفريقى. وقد عاش عبيد اللَّه فى سلمية (بالشام) التى كانت مركزا للدعوة الإسماعيلية ومهَد الدعاة الطريق له. وكان ابن حَوْشب منصور داعية اليمن الذى مكن لنفسه فيها قد أرسل دعاة إلى شمال أفريقيا، كان آخرهم وأهمهم هو أبو عبد اللَّه الشيعى.

وعندما قرر عبيْد اللَّه أن يغادر سلمية -سواء كان ذلك هربا من مطاردة العباسيين له أو نتيجة مؤامرة غامضة حيكت له فى داخل الحركة الإسماعيلية ذاتها (حركة الإخوة القرامطة الثلاثة كما ذكرها إيفانوف) كان عليه أن يتجه إلى اليمن أو إلى شمال أفريقيا حيث كان الداعية أبو عبد اللَّه الشيعى يعمل بنشاط ونجاح بين قبيلة كتامة البربرية منذ سنة ٢٨٠ هـ/ ٨٩٣ هـ. وتحرك عبيد اللَّه فى البداية إلى الرَّملة فى فلسطين ومنها إلى مصر التى ربما يكون قد وصلها فى سنة ٢٩١ هـ/ ٩٣٠ م، وعندما تعرض لمضايقات الوالى العباسى توقع أتباعه أن يتخذ طريقه لليمن لكنه قرر أن يذهب للشمال الأفريقى حيث شغل أبو عبد اللَّه الشيعى بإضعاف الحكم