والقاف) وتعنى الأئمة الدائمين، فإن هناك -كما يقول لويس- أئمة من نوع آخر يعرف الواحد منهم بالمُسْتَوْدَع (بضم الميم وتسكين السين) والمقصود بهم الأئمة الذين يحمون الإمامة ويسترونها وهؤلاء الأئمة "المستودعون" يعملون بحق التفويض مما يسمح لهم بالدخول ضمن الأئمة الحقيقين (المستقرين). فميمون القدَّاح الذى كان قد تولى عن جعفر الصادق أمر العناية بحفيده محمد بن إسماعيل قال إن ابنه عبد اللَّه هو ابن من الباطن (ابن روحى) لمحمد بن إسماعيل وبالتالى فهو يرث منه الإمامة. وعلى هذا فإن ذرية الأئمة القداحين (الذين هم من سلالة القدَّاح) قد وجدوا جنبا إلى جنب مع سلالة الأئمة العلويين (الذين هم من نسل على وفاطمة) وكان آخر إمام من القدَّاحين هو عبيد اللَّه سعيد وهو إمام (مستودع) للإمام القائم الذى هو الإمام العلوى (المستَقَر) وعلى هذا ففى شخص القائم عادت الإمامة للأسرة العلوية.
وبالنسبة لكل القضايا التى لم نستطع معالجتها هنا يمكن الرجوع للدراسة المفصّلة والموثقة التى أعدها مادلونج Madelung عن الإمامة فى عقائد الاسماعيلية الباكرة والتى سنعود إليها عند مناقشة السياسة الدينية للفاطميين.
ومن وجهة النظر التاريخية والتى تهمنا بشكل مباشر فى هذه المسألة عن نسب الفاطميين، نجد أن العباسيين -وهذا طبيعى- ينكرون الأصل العلوى لمنافسيهم الفاطميين لما يمنحه لهم هذا الانتساب من مكانه رفيعة، وقد كشف لنا الصولى أنه فى بغداد -على أيامه- كان يقال إن سيّد المغرب ينحدر من نسل عتيق صاحب شرطة زياد بن أبيه، ومع ذلك لم تظهر إلّا فى فترة لاحقة وثيقتان رسميتان وقعهما قضاة وعلويون، أما إحدى الوثيقتين فيرجع تاريخها إلى سنة ٤٠٢ هـ/ ١٠١١ م والأخرى إلى سنة ٤٤٤ هـ/ ١٠٥٢ م وهما تنكران أنهم كانوا من أصول علوية (انظر: ابن الجوزى، المنتظم، جـ ٧، ص ٢٥٥، ابن الأثير، حوادث ٤٠٢ و ٤٤٤, ابن خلدون، ترجمة دى سلين جـ ١، ٣٩، والمقريزى، ألفاظ الحنفا، القاهرة، ٥٨ وما بعدها، أبو المحاسن، القاهرة، جـ ٤، ص ٢٢٩, جـ ٥، ص ٥٣).