للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المختار. وأسفر سليمان آخر الأمر وجاهر الأمويين بالعداء، وطلب من أتباعه الخروج لقتال عبيد اللَّه بن يزيد الذى كان فى الشام على رأس جيش كبير؛ ولم يضع الوالى عبد اللَّه بن يزيد أية عراقيل فى طريقه بل وعد بمعاونة الشيعة، ولكن لم يقم أى تعاون عملى بين سليمان والوالى. وكانت حماسة الشيعة أقل مما يأمل سليمان. ذلك أنه عندما ما ظهر بالنُخَيْلَة بالقرب من الكوفة فى أول ربيع الثانى عام ٦٥ (١٥ نوفمبر عام ٦٨٤) لم يتبعه من الستة عشر ألف شيعى الذين وعدوه بالخروج معه سوى أربعة آلاف رجل فأرسل الرسل على الفور إلى جميع الشيعة الذين وعدوه المساعدة فأقبلت عليه النجدات شيئًا فشيئًا. وخرج الجميع فى الخامس من ربيع الثانى (١٩ نوفمبر) وأمضوا أربعًا وعشرين ساعة فى كربلاء عند قبر الحسين مقرين بذنبهم مبدين الندم والتوبة، ثم تابعوا المسير. وما إن بلغوا قرقيسياء حتى أمدهم ظُفَر بن الحارث الكلابى بالمؤن وكان يقود الشيعة هناك، وقد حصل على أنباء خاصة بتحركات عبيد اللَّه الذى كان فى الرقة. وتابع سليمان سيره حتى لقى العدو عند عين الوردة يقوده حسين بن نمير. وبدأ القتال فى الثانى والعشرين من جمادى الأولى عام ٦٥ (٤ يناير عام ٦٨٥) واستمر ثلاثة أيام. وخر سليمان صريعًا فى اليوم الثالث بالغًا من العمر ثلاثة وتسعين عامًا، وانتهى هذا القتال المرير بهزيمة الشيعة. ولم يجد أنصار الشيعة من أهل المدائن والبصرة الذين لم يصلوا إلى ساحة المعركة فى الوقت المناسب سوى العودة دون أن يطلقوا سهمًا واحدًا فى سبيل الدعوة التى كانوا ينادون بها.

[المصادر]

(١) طبقات ابن سعد: طبعة سخاو، جـ ٤، ص ٢، ٣٠؛ جـ ٦، ص ١٥ وما بعدها.

(٢) النووى، طبعة فستنفلد، ص ٣٠٢.

(٣) ابن الأثير: أسد الغابة، جـ ٢، رقم ٣٥١.

(٤) ابن حجر: الإصابة جـ ٢، رقم ٧٠٤٦.