فلما أخذ المسلمون يستقرون فى الكوفة، هاجر إليها هو أيضًا. وحارب سليمان فى وقعة الجمل وصفين فى صف علىّ. وبعد وفاة معاوية فى رجب عام ٦٠ (أبريل عام ٦٨٠) أظهر سليمان أنه من أشد المتحمسين للحسين ولكنه لم يبق على حماسه الأول. فقد كان واحدًا من أولئك الذين دعوا الحسين إلى الكوفة ليتزعمهم فى قتال الأمويين، فلما اقترب الحسين من المدينة تلبية لهذه الدعوة لم يصنع سليمان شيئًا لمساعدته وقتل الحسين فى كربلاء فى العاشر من المحرم عام ٦١ (١٠ أكتوبر عام ٦٨٠) فندم أهل الكوفة الذين أغروه بالقدوم إليهم من مكة على تقاعدهم عن نصرته، وعدوا أنفسهم مذنبين لا يمحو ذنبهم إلا الثأر لمقتله ومن ثم عرفوا باسم "التوابين" وقد نظموا أنفسهم بعد حين واختاروا سليمان زعيمًا لهم. ولم تكن من أحدهم تقل عن الستين، ولم يتفقوا على اتخاذ إجراء معين، بل كان الثأر للحسين ليس إلا هدفًا غامضًا لم يتضح فى أذهانهم قط. وكتب سليمان إلى سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن، والمثنى بن مخرّبة بن العبدى بالبصرة وكسب تأييدهما. على أن التوابين كانوا يعملون فى السر طيلة حياة يزيد، ولم يسعوا إلى توسيع نطاق حركتهم إلا بعد وفاة يزيد فى ربيع الأول عام ٦٤ (نوفمبر عام ٦٨٣). وأراد أتباع سليمان أن يخرجوا من الكوفة عمرو ابن حريث المخزومى نائب الوالى عبد اللَّه بن يزيد الذى كان يعيش فى البصرة فأبى عليهم سليمان ذلك ونصحهم بالتزام جانب الحذر، ومع ذلك طرد أهل الكوفة عمرا بن حريث ثم بايعوا عبد اللَّه بن الزبير بالخلافة، معين ابن الزبير عبد اللَّه بن يزيد الأنصارى واليًا على الكوفة. وبلغ عبد اللَّه بن يزيد الكوفة فى رمضان سنة ٦٤ (مايو ٦٨٤) وكان المختار بن أبى عبيد قد دخلها قبل ذلك بأيام قلائل. وأراد المختار أن يطرد سليمان الذى كان الشيعة قد شكوا فى أمره لتقاعسه، وتخلى عن سليمان كثيرون وانضموا