" التصوير": كلمة عربية معناها تشكيل التماثيل ورسم الصور وحسبنا هنا أن نلم بما كان في العالم الإسلامي من جهد فنى صدرت عنه التماثيل والصور على الرغم من إنكار الفقهاء. كانت التماثيل قليلة نادرة، ففي مصر -مثلًا- عمل خمارويه له ولأزواجه وقيانه التماثيل، ونصب عبد الرحمن الثالث في الأندلس تمثالا لمحظيته "الزهراء" في القصر المعروف باسمها، وبقيت إلى أيامنا السباع المنحوتة في الرخام التي تحمل النافورة المشيدة لمحمد الخامس في قصر الحمراء إبان النصف الثاني من القرن الرابع عشر. واستخدم أمراء آل سلجوق بآسية الصغرى النحاتين لتزيين عاصمتهم "قونية" ولا تزال في متحف هذه المدينة تماثيل من الحجر على صورة الإنسان والحيوان يرجع تاريخها إلى هذا العهد. وأقام إسماعيل باشا التماثيل في مدينة القاهرة، فكانت أول تماثيل أقيمت في الميادين العامة لملوك المسلمين. وصنعت في مصر أيام الفاطميين أباريق ومباخر كثيرة من الشبهان على هيئة الحيوان والطير، كما جرت العادة في ذلك العهد بنقش الصور على أحجار البلور. وكان صاغة الموصل وأضرابهم، ممن نقلوا هذا الفن إلى فارس والشام ومصر، يصنعون صورا ناطقة لحياة القصور يبدو فيها الملك وهو يحتسى الخمر يحف به خدمه وموسيقيوه، أو وهو منصرف إلى الصيد أو اللعب بالأكر أو القتال؛ وليس من شك في أن بعض هؤلاء الصاغة كانوا من النصارى، بيد أن سادتهم كانوا من أمراء المسلمين ومما يدل أيضًا على عدم احتفال العامة بتحريم الشريعة للتصوير ما صنع في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بمدينة الري من الخزف وما نقش عليه من الصور الملونة الزاهية للأمراء والموسيقيين والقيان والراقصات والفرسان إلى جانب صور مختلف الحيوان الحقيقي منها والخرافى. أما خزف المدائن الأخرى فعليه تصاوير أناسى ولكنها لا ترقى إلى ما في سابقتها من خيال. وكانت النقوش على الخشب، وبخاصة أيام الفاطميين والمماليك في مصر، صورًا معظمها على هيئة الأناسى