على أن قصص المعراج يجد له روافد أيضا من الأدب الشفوى، ومن صوره المواعظ، حيث نجد التواصل بين الرغبة والوسيلة، الرغبة فى المعجزة لدى المؤمنين الذين هم بحاجة إلى الإيمان، والوسيلة لتلبية ذلك عن طريق إطلاق الخيال من قبل الوعاظ.
ولا يوجد تجميع للقصص الشفوى للمعراج، وقد تضمنت النصوص صورا مزخرفة تشبع رغبات المستمعين وهى الحالة التى أورثت شكوكا فى الدين، الأمر الذى واجه فيه الفقهاء والمتكلمون المبتدعين، فقد شن ابن حنبل والغزالى وابن الجوزى والسيوطى، حربًا شعواء، تنزيها للدين عن الخرافات والأساطير المؤسسة على أحاديث مشكوك فى إسنادها.
وقد ثار نفس السؤال حول طبيعة المعراج، من حيث كونه بالروح أم بالجسد، ولدينا هنا تفاسير ثلاثة:
(أ) كان الإسراء بالروح، كإشراق روحى يتجاوز حدود الطبيعة البشرية، ويربط النفس الطاهرة باللَّه سبحانه. وانبعاث الإيمان من قلب المؤمن يمكن أن يؤدى لنتيجة مشابهة.
(ب) كان الإسراء بالجسد، أما المعراج فبالروح، وذلك حين يربط بين الحادثتين.
(ج) كان المعراج بالجسد والروح، والتى كان فيها النبى فى كامل وعيه وهنا تكمن المعجزة التى أصبحت مجالا للجدل الدينى.
وبذلك وجدت الرغبة فى إضفاء بعد للرسول يتجاوز التاريخ له، فنسج من قصة شق الصدر والإسراء والمعراج وحدة واحدة تتجاوز المنطقة الهامة فى أعماق الخيال الدينى.
هذا التصور ينفى كون المعراج بالروح، دون أن يخل بدرجة الرسول الإيمانية. وبنفى تصور المعراج كدفقة إيمانية روحية، فتح الباب أمام كافة شطحات الخيال.
ومن الآن فصاعدا، نجد التناقض بين القصص القرآنى فى إيجازه، وما تفرزه خيالات القصاصين.
[٣ - أدبيات المعراج فى شرق وغرب أفريقيا]
لقد كانت الاحتفالات بذكرى الإسراء والمعراج مناسبة لظهور نوع من الأدب