يشن الحملات لتوطيد سيادته على كثير من القبائل البربرية بإخضاعها لسلطانه. وفى رجوعه من حملة من هذه الحملات التى استغرقت وقتًا طويلًا بلغ فيه تافيلات أدركته منيته فى إقليم تادلا. وظلت وفاته سرًا حتى بلغ جيشه الرباط حيث بويع ابنه الصغير عبد العزيز بالسلطنة.
وقد أدرك مولاى الحسن، مثل أبيه وجده أن الحاجة ماسة إلى صبغ مراكش بالصبغة المدنية ورأى أن أول قطاع يتناوله الإصلاح هو الجيش، ومن ثم أنشأ الحسن وحدات نظامية دائمة، ودعا معلمين أجانب معظمهم من الفرنسيين والإنكليز منذ سنة ١٨٧٧. وكذلك أرسل عدة مجموعات من المشاة إلى جبل طارق للتدريب مع الجنود الإنكليز. واشترى السلطان سلاحًا من أوربا. وأقام مصنعًا للخرطوش فى مراكش ودارًا للصناعة فى فاس سماها "المكينة" بل هو قدم أقام نواة لأسطول وطنى. وشغل نفسه أيضا بالتدريب الفنى للمراكشيين وأرسل كثيرًا منهم إلى أوربا بغية صبغ بعض الصناعات المراكشية بالصبغة الحديثة.
على أن علاقاته مع الدول الأوربية التى اجتذبتهم مراكش أكثر وأكثر، استنفذت جزءًا كبيرًا من نشاطه .. ولقى عددًا متزايدًا من الوفود. وبمبادرة منه ومن بريطانيا العظمى عقد أول مؤتمر دولى عن مراكش فى مدريد من ١٩ مايو إلى ٣ يوليه سنة ١٨٨٠. وتناول هذا المؤتمر حماية حقوق الدول الأوربية فى الإمبراطورية الشريفية .. وكان الحسن تقيًا محافظًا فى الأمور الداخلية، فلم يدرك تمامًا ملابسات مبادرته فجر مراكش إلى معترك دولى انتهى باعلان الحماية عليها سنة ١٩١٢.
[المصادر]
(١) السلاوى: كتاب الاستقصا فى أخبار المغرب الأقصى، جـ ٤، ص ٢٣٥ وما بعدها (ترجمة Fumey فى Archiv.maroc، جـ ١١، سنة ١٩٠٧.