محمد بن الهُذَيْل العَبْدى العَّلاف: من أهم شيوخ المعتزلة، ولد عام ١٣٥ هـ (٧٥٢ - ٧٥٣ م) وأصله من البصرة، وكان مولى لقبيلة عبد القيس، رحل إلى بغداد، ودرس فيها على أحد تلاميذ واصل بن عطاء. واشتهر كثيرًا بحسن الجدل والمناظرة. ويروى المسعودى (المروج، ياريس، ب ٨، ص ٣٠١) أنه لما عاد إلى بغداد عام ٢٠٤ هـ استدعاه المأمون إلى بلاطه، كما استدعى النَّظَّام وهو أحد المعتزلة المشهورين، ليناظرا أنصار مذهبهما أو خصومه. وذكر الشهرستانى (طبعة كيورتن، ص ١٤١) مناظرات أخرى جرت بينه وبين هشام ابن الحكم الذى كان يأخذ ببعض آراء المشبهة فى مسألة "الله".
وكثيرًا ما يذكر أن أبا الهذيل توفى عام ٣٣٥ هـ (٨٤٩ - ٨٥٠ م) وهذا مما يجعلنا نقول إنه عاش مائة عام هجرى. مع أن أبا المحاسن (طبعة كوينبول وغيره، جـ ١، ص ٧١١) اعتمد على رواية للذهبى فذكر أن وفاة هذا المتكلم كانت فى ذلك التاريخ، إلا أنه تعرض فى موضع آخر فى شئ من التفصيل لأبى الهذيل (الكتاب المذكورص ٦٧١) فقرر أنه توفى عام ٢٢٦ هـ (٤٨٠ - ٤٨١ م)، ويظهر أنه ينبغى أن نرجح القول الأخير.
ولم تصل إلينا مصنفات أبي الهذيل، ولكننا نعرف طرفا من آرائه مما ذكره الشهرستانى والإيجى. ويقرر الشهرستانى أنه خالف تعاليم المعتزلة فى عشر مسائل، تتصل بالإلهيات والاستطاعة والأخلاق.
ففى الإلهيات أثبت أبو الهذيل لله صفات مخالفًا بذلك رأى المعتزلة الذين أنكروها، ولكنه جعلها عين ذات الله: فالله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته إلخ. . . وعلى هذا فإن الصفات تكون من لوازم الذات الإلهية. ويشبهها الشهرستانى بالأقانيم المعروفة فى لاهوت النصارى، وهو تشبيه يعسر علينا فهمه، اللهم إلا إذا تذكرنا الطريقة التى جرت عليها الأدرية فى تشخيص الصفات. أما فيما يختص بمسألة إرادة الله فقد فرق أبو الهذيل بين الإرادة والشئ المراد، وفرق فوق