كلمة فلح -وهى عملية "الشق" و"القطع أو القطف"- تعنى عندما تستخدم للتربة شقها وتقليبها من أجل الزراعة -أى حراثتها. والفلاح هو "الحرّاث"، والفلاحة هى الحراثة. ولكن كلمة فلاحة اتخذت -منذ فترات ما قبل الإسلام- معنى أوسع يشير إلى حرفة الزراعة التى يفضل عليها القدماء كلمة فلاحة (وقد أطلق جميع الكتاب الأوائل على أعمالهم حول الزراعة "كتاب الفلاحة"، وهذه الكلمة الأخيرة تستخدم فى وقتنا الحاضر على نطاق واسع فى شمال أفريقيا، فى اللغة الرسمية وفى لغة الحديث اليومى، ولذلك فإن وزارة الزراعة فى المغرب تسمى وزارة الفلاحة، على حين تسمى وزارة الزراعة فى مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق. . ومنذ القرن الماضى فقط أصبح لكلمة الزراعة الأسبقية فى الدوائر الرسمية والأدبية فى الشرق العربى، ولكن كلمة الفلاحة لا تزال تستخدم على نطاق واسع فى لغة العمال الزراعيين. والمقالات التالية سوف تبحث أساسا طرق الزراعة وأساليبها.
[أ- الشرق الأوسط]
[١ - نظرة عامة: فنية وتاريخية]
تخضع الزراعة فى الدول العربية لتأثير نوعين من المناخ: ففى جنوب شبه الجزيرة العربية (اليمن وحضر موت وعمان) وكذلك فى السودان، تأتى الرياح الموسمية القادمة من الهند بالأمطار الغزيرة فى الصيف، والتى تساعد على زراعة النباتات الاستوائية المتعددة (مثل أشجار البن، والنخيل، والقشدة والمانجو والبوبو (دُباء الهند) Paw paw والموز والتمر هندى) أما فى بقية العالم العربى فيسود مناخ البحر المتوسط، وهذا المناخ يتميز بفصل شتاء رطب بارد، يعقبه فترة صيف طويلة تكون حارة وبلا أمطار. وكلما ابتعدنا عن ساحل البحر المتوسط، قلت الأمطار حتى تنعدم كلية فى صحراوات حارة معينة فى الجزيرة العربية، وفى الصحراء الافريقية، من ثم فإن هذا المناخ يقسم مناطق الدول العربية إلى قسمين يتميز كل منهما عن الآخر: ففى