إذا توسع الإنسان فى معنى السرد فجعله يشير إلى رواية أى قصة من القصص، أو وصف أى حادثة كانت (واقعية أو خيالية) فسوف يستطيع إطلاق صفة السرد على كثير من أجزاء القرآن. ولكن القرآن لا يقصد إلى رواية أحداث تاريخية معينة، رغم كثرة إشاراته إلى الأحداث التاريخية، على نحو ما سبق ذكره فى القسم ٥ - أآنفا. فمعظم قصص القرآن يروى القصص التقليدية المألوفة فى الثقافات الأخرى للشرق الأدنى، مع التركيز على المعانى التى يريد القرآن إبلاغها للناس. فنحن نقرأ فى القرآن عدة مرات عن خلق اللَّه العالم فى ستة أيام، وعن عرشه سبحانه وتعالى، على نحو ما جاء فى سورة الأعراف {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ. . .}(٥٤) وكذلك آية الكرسى الشهيرة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة ٢٥٥] وانظر أيضًا الآية الثالثة من سورة يونس، والآية ٥٩ من سورة الفرقان، والرابعة من سورة السجدة، وانظر ذكر العرش فى سورة التوبة (الآية الأخيرة - رقم ١٢٩) وسورة الرعد (الآية الثانية) وسورة طه (الآية الخامسة) وسورة الأنبياء (الآية الثانية والعشرين) وغيرها.
ولكن القرآن لا يقص بالتفصيل قصة خلق الكون فى ستة أيام، ولا يذكر ما خلقه اللَّه فى كل يوم (ويورد القرآن فى سورة فصلت شرحًا موجزًا فى الآيات من ٩ - ١٢). ويذكر القرآن