أول مدينة إسلامية فى مصر، أسسها عمرو بن العاص بعد الفتح على الشاطئ الشرقى للنيل قبالة مدينة بابليون الرومانية التى ما زالت آثار حصنها باقية حتى اليوم فى منطقة مصر عتيقة، وهو الحصن المعروف بقصر الشمع. وكان متصلًا بالضفة الأخرى للنهر عبر جسر من القوارب تقطعه جزيرة الروضة. وبالقرب من تلك المنطقة كان المصريون القدماء قد حفروا قناة بين النيل والبحر الأحمر، ثم جددها عمرو بن العاص وعرفت بخليج أمير المؤمنين.
وهناك تفسيرات عدة لاسم المدينة، ومنها أنها تعنى الخيمة لأنها أسست على البقعة التى نصب فيها عمرو بن العاص فسطاطه أو خيمته أثناء حصار الحصن الرومانى. ولكن الأرجح أن تكون تعريبًا لكلمة فوساتون اليونانية التى تعنى المعسكر، والتى وردت فى البرديات المكتوبة بالعربية واليونانية كاسم للمدينة.
وبنى عمرو بن العاص جامعًا فى المدينة، وهو أقدم جوامع مصر، ولذا يعرف بالجامع العتيق أو جامع عمرو، وكان صغيرًا ضيقًا فى بادئ الأمر، ثم وسع عدة مرات حتى وصل إلى مساحته الحالية فى ٢١٢ هـ/ ٨٢٧ م، وزيدت عليه المآذن، وأدخل فيه المحراب المجوف فى عام ٩٢ هـ/ ٧١١ م لأول مرة.
وكان يستخدم إلى جانب الصلاة فى أغراض عدة مدنية وقضائية، بل وكان يستخدم لإيواء المسافرين وأبناء السبيل وبالقرب منه أقام عمرو منزله. ومنح كل قبيلة قطعة أرض أو خطة لتقيم بها، ومن هنا عرفت الأحياء باسم الخطط، وكان بعضها يضم أبناء قبائل مختلفة، ومنها خطة أهل الظاهر التى خصصت للوافدين الجدد وكانت لكل خطة مسجدها الخاص.
ولم يكن سكان المدينة كلهم من المسلمين، إذ صحب جيش الفتح عدد كبير من المسيحيين واليهود من سكان سوريا الذين أنزلوا فى الأحياء القريبة من النهر (الحمروات الدنيا والوسطى