والقصوى)، كما عاش بين ظهرانيهم عدد كبير من المصريين المسيحيين، وكان بالمدينة كذلك عدد من الكنائس. ولم تكن المدينة محصنة بسور فى بادئ الأمر، واكتفى بحفر خندق حولها لحمايتها من جيش الأمويين أثناء ثورتها فى ٦٤ - ٦٥ هـ/ ٦٨٤ م. وكانت الخطط فى بادئ الأمر منفصلة عن بعضها بأرض فضاء وما لبثت المدينة أن اتسعت وازدهرت، ولكنها تعرضت للحريق على يد آخر خلفاء بنى أميه مروان الثانى (١٣٢ هـ/٧٥٠ م) فى فراره أمام جيوش العباسيين. وأنشأ العباسيون ضاحية جديدة لهم باسم العسكر على أرض الحمراء القصوى حيث بنيت دار الإمارة (مقر الحاكم) وإلى جوارها بنى جامع ضخم، وحولهما نمت مدينة حقيقية بها بيوت ومتاجر وأسواق ولكن لم يبق منها شئ اليوم.
وفى القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى بنى أحمد بن طولون عاصمة خاصة به هى القطائع على المنطقة المعروفة باسم جبل يشكر حيث يوجد جامعه الآن (٢٦٥ هـ/ ٨٧٩ م). واقتبس المعمارى طرازه من منشآت سامراء فى العراق.
ولكن مع سقوط الأسرة الطولونية دمر العباسيون المدينة ولم يتبق منها سوى جامعها الذى رممه فيما بعد السلطان لاجين (٦٩٦ هـ/ ١٢٩٧ م).
ولم يضع تأسيس القاهرة نهاية للفسطاط، بل ازدهرت تحت حكمهم حتى أن ناصر خسرو الرحالة الفارسى روى فى رحلته أن بها بيوتا يصل ارتفاعها إلى سبعة طوابق، بل أربعة عشر طابقًا كما يتحدث عن أسواقها العامرة المكتظة بالمتاجر. وكانت القاهرة آنذاك مدينة ملكية قاصرة على الخليفة وأتباعه وجنده، أما الفسطاط فكانت مركز الحياة الصناعية والتجارية واشتهرت المدينة بصناعة الحديد والنحاس والصابون والزجاج والورق (ابن الدقماق) وكذلك السكر والمنسوجات.
وبلغ من براعة صناعها أنهم صبوا حلقة نحاسية قطرها عشرة أذرع وتزن عدة أطنان فى ٥١٣ هـ/ ١١١٩ م لصنع