(ولد عام ٤٤٦، وتوفى فى ٦ رجب عام ٥١٦) وهو أبو محمد القاسم بن على بن محمد بن الحريرى: نحوى وكاتب رشيق؛ ولد وشب فى المَشَان بالقرب من البصرة ودرس بالبصرة. وتذكر المصادر أنه تلقى العلم على الفضل بن محمد القصَبَانى، وهذا خطأ لأن الفضل هذا توفى عام ٤٤٤ هـ وولى فى البصرة منصب "صاحب الخبر" فى ديوان الخلافة (انظر الطبرى، جـ ٣، ص ١٢٦٠، س ١٣) وظل هذا المنصب لأولاده حتى عهد عماد الدين الإصفهانى الذى زار البصرة عام ٥٥٦. وكان بيت الحريرى فى حى بنى حرام، أما عمله فكان فى المشان. وقد تردد على بغداد (كما حدث فى عام ٥٠٤) والظاهر أنه أدى فريضة الحج. ويظهر أن رحلاته الأخرى لم تدون. وقد اتصل بحكم منصبه بكثير من أعيان قصبة الخلافة.
والمقامات أشهر تواليفه، وهى مجموعة من خمسين مقامة احتذى فيها مقامات بديع الزمان الهمذانى وفيها يقص الحارث بن همام مغامرات رجل يدعى أبا زيد السروجى. ويؤكد المؤرخ ابن الدبيثى أن أبا زيد هذا شخص حقيقى يدعى المطهر بن سلام أهدى إليه الحريرى أشعاره، ولكن لا شك فى أن هذا القول من نسج الخيال شأنه فى ذلك شأن الأبطال الذين ورد ذكرهم فى القصص الأخرى. ويذكر هبة الله ابن سعيد بن التلميذ - صديق الحريرى وأحد الذين كاتبوه - أن الحريرى بدأ مقاماته عام ٤٩٥ وانتهى منها عام ٥٠٤، والتاريخ الأول صحيح لأن المقامات قد تحدثت عن استيلاء الفرنجة على مدينة سروج عام ٤٩٠، أما التاريخ الثانى فهو متقدم كثيرا على ما يظهر إذا كان ابن الأثير على حق فيما ذكره من أن دبيس الأسدى كان شابا عام ٥٠٣ فى حين أن المقامات ذكرت هذا الشخص على أنه إحدى الشخصيات المعروفة. واختلفت الآراء فى الشخص الذى ألفت هذه القصص نزولا على رغبته، وقد ذكر فى هذا الشأن اسما وزيرى المسترشد: أبو على ابن صدقة (٥١٢) وأنو شروان بن خالد.