ولقد أثبتت هذه الأداة كفاءتها فى أيدى الحكام النشطين، ولكنها كانت غير ذات تأثير فى يدى الحكام الضعاف وفى أوقات الكوارث. وسرعان ما اكتشف السعديون ذلك، فلقد اندلعت بعد وفاة المنصور من جديد الميول الشقاقية التى كان المنصور قد أوقفها بجهده ولقد أدى الصراع على العرش إلى إنقلاب أبنائه على بعضهم البعض. وقد نجح أحدهم وهو "زيدان" فى الانتصار على منافسيه لكنه لم يستطع أن يحول دون تفكك الدولة. ولقد احتل الأسبان العرائش Larache، وخرجت فاس عن سلطة الأشراف، ولقد قام الأندلسيون فى الرباط وسالى، الذين كونوا ثروات من أعمال الجهاد البحرى، بتكوين دولة مستقلة. وأخيرًا، فإن السعديين برغم أنهم يدينون فى ارتقائهم الحكم للحركة الدينية، وجدوا المتصوفة آنذاك يثورون ضدهم. وبعد أن تخلصوا من الحواجز التى فرضها ارتياب المهدى وخلفاؤه من بعده عليهم، أخذ رجال الطرق الصوفية يفرضون مزيدًا من سيطرتهم على الناس وأسهموا بجهدهم فى هدم سلطة (الشُرفا) السعديين. ولقد أصبحت السوس فى قبضة أحدهم وهو سيدى على؛ وتافيللت تحت السيطرة الأشراف الحسنيين، والغرب تحت سيطرة العياشى، قائد "المجاهدين فى الدين". وفى الوسط تزايدت سلطة زاوية الولاع. ولقد بدا محمد الحجاجى، قائدهم المنتصر على السعديين وعلى العياشى، شريف سالى وفاس، أنه على وشك تأسيس إمبراطورية بربرية جديدة من الأطلنطى إلى ملويه. ولم يستطع السعديون -برغم المساعدة التى قدمها الإنجليز والهولنديون- التغلب على منافسيهم، ولم يتبق آنذاك للسعديين سوى مراكش وضواحيها القريبة. ولقد تُوفى آخر ممثل للبيت السعدى سنة ١٠٧١ هـ/ ١٦٦٠ م، مقتولًا على يد شيخ قبيلة الشبانات.
[الأشراف الحسنيون]
لقد توقف انحلال المغرب بمجئ الأشراف الحسنيين وتوليهم الحكم. ولقد استفادوا من الفوضى التى كانت