نهر أم الربيع. ولم ينتج عن تدخل السلطان المرينى بالقوة فى الصراع بين الأخوين سوى التعجيل بسقوطه. واستولى محمد المهدى على فاس سنة ٩٥٧ هـ/ ١٥٥٠ م؛ ولقد أحرز الأشراف السعديون نصرًا حاسمًا على المدينيين، بمساعدة أتراك الجزائر حين أحبطوا محاولة المرينيين استعادة حكمهم سنة ٩٦١ هـ/ ١٥٥٤ م.
ولقد عنى مجئ السعديين لحكم المغرب بإعادة بنائه وتكوينه. فلقد فرض محمد المهدى وخلفاؤه من بعده سلطتهم على كل البلاد، وقاموا بحمايتها من العدوان الخارجى وقاموا بتوسيع حدودهم بحملات حربية قاصية. ولقد تغلبوا فى النهاية على المصاعب التى اختلقها لهم أتراك الجزائر، وشهدت معركة القصر الكبير سنة ٩٨٦ هـ/ ١٥٧٨ م -تعرف أيضًا بمعركة وادى المخازن- وقف هجوم البرتغاليين المضاد على المغرب. ولقد احتل أحمد المنصور (٩٨٦ - ١٠١٩ هـ/ ١٥٧٨ - ١٦١٠ م) تمبكتو وحطم إمبراطورية أسكيا فى جاو. ولمدة نصف قرن، كان المغاربة أسيادًا على السودان الغربى (غرب أفريقيا)، من ضفاف السنغال حتى برنو، ولقد مكنت الأسلاب التى أحرزتها حملات الفتح هذه، السلطان من الاحتفاظ ببلاط رائع، ماثل هيئة البلاط العثمانى، وتزيين عاصمته مراكش بنصب تذكارية فخمة.
وينتمى إلى نفس الفترة أيضًا تنظيم (المخزن). ولقد اعتمد السعديون الأول على مساندة قبائل الجنوب العربية. ولقد أضاف المنصور إلى هذه القبائل قبائل عربية أخرى من مناطق تلمسان ووجدة وكان الفتح العثمانى للجزائر قد دفع بها إلى المغرب. ولقد تسلم هؤلاء (الشراقه) المشارقة، كما أُطلق عليهم، أراض حول فاس مقابل تأديتهم الخدمة العسّكرية. وبدعم الجيش النظامى المكوَّن من عناصر الخوارج والمغاربة الأسبان والزنوج، وتدرب على يد المرتزقة الأتراك، زوَّد (المخزن) السلطان بأدوات حفظ النظام وجباية الضرائب؛ وقد كان هذا الجيش أداة حكومة الأشراف الرئيسية الذى أفضى إلى أن يكون هو الحكومة بذاتها.