سورة البقرة. والملاحظ أن القصة قد أوجزت فى السورتين الأخيرتين واختصرت إلى آية واحدة. وفى سورة البقرة يسبق قسمى القصة ذكرٌ لا يتكرر فى القرآن للَّه سبحانه وتعالى وهو يستشير الملائكة قبل خلق آدم. وهناك مثال ثالث، يختلف نوعه شيئًا ما، ويتضمن روايتين متوازيتين لمعجزة مولد وطفولة يحيى عليه السلام والمسيح عليه السلام فى سورة مريم (الآيات ٢ - ٣٤) وسورة آل عمران (الآيات ٣٨ - ٥١). أما فى سورة مريم فقصة النبيين تسبق سلسلة من الروايات المستقلة، وأما فى سورة آل عمران فإنهما تنسجان معًا فى نسيج واحد أو فى رواية واحدة طويلة تبدأ بمولد مريم البتول وحياتها الأولى.
ومن الأنماط ذات الدلالة الكبيرة فى هذه الروايات المتعددة وغيرها فى القرآن، هو أن المجموعات الأولى من القصص لا تتقيد تقريبًا بالتسلسل التاريخى، ففى سورة الشعراء نقرأ عن موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط ثم عن شعيب (الذى يسميه الكتاب المقدس يثرون، وهو حمو موسى) ولكن الروايات الأخيرة تتميز بأنها تقع جميعًا فى "النظام التاريخى" الدقيق، إذ نقرأ فى سورة هود عن نوح أولًا ثم عن هود، ثم عن صالح، ثم عن إبراهيم، ثم عن لوط، ثم عن شعيب وأخيرًا عن موسى. والروايات غير المتقيدة بالتاريخ هى التى يسميها "بيل" قصص فترة القرآن، فى حين تمثل الروايات المتقيدة بالتاريخ فترة "الكتاب" إذ تشتبك القصص معًا لتشكل روايات طويلة متعددة القصص وتصبح بداية للتاريخ المقدس لدى المسلمين والذى يبدأ بخلق آدم عليه السلام.
[٧ - الأشكال الأدبية والموضوعات الرئيسية]
من العسير تصنيف الأشكال الأدبية أو وضع نظام محكم للموضوعات الرئيسية للقرآن، بسبب طبيعته الخاصة وتنظيمه الخاص. وسرعان ما فشل الذين حاولوا تصنيف أجزاء القرآن وفقًا للأنواع الأدبية المعتمدة مثل القصة القصيرة، أو الحكاية الرمزية، أو الأمثال وما إلى