أنه كان موضوعا للعبادة كإله (اسم عبد قصى الذى حمله أحد أبنائه لا يعنى بالضرورة الطابع الإلهى للأب) فإنه كان بلاشك محل توقير وتبجيل طبقا لعبادة الأسلاف التى كانت بالتأكيد موجودة فى الجزيرة العربية قبل الإسلام وإن كنا لا نعرف إلا قليلا جدا عنها. وقصى هنا شأنه شأن ثقيف البطل الذى منح أهل الطائف اسمه، وقد ظلت ذكرى قصى مرتبطة بصورة خاصة بداره وأعنى بها دار الندوة.
وأيًا كانت الأصول فمن المؤكد أن السيطرة على الكعبة والحج فى بداية القرن السادس الميلادى كانت فى أيدى عشيرة تنتسب إلى قصى، وأن قريشا كانت متفقة على أن قصيا هذا هو مؤسس وحدتها القبلية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العشيرة -بنى قصى- وإن كان بعض أفرادها من الرؤساء المعترف بهم لقريش فإنها إزاء آخرين -بنى أمية- كانت بعيدة عن أن تجمع فى أيديها كامل السيطرة السياسية والمالية. وعلى سبيل المثال فإن بنى مخزوم إحدى أقوى الأسر فى مكة لم تكن تنحدر من قريش. ويبدو إذن من المحتمل أن "الجمهورية" المكية تكونت بمبادرة وتوجيه من بنى قصى، ولكن هؤلاء كانوا مضطرين إلى أن يعترفوا فى نظامهم الاجتماعى للعشائر الأخرى بنفس الحقوق والمزايا نفسها التى لهم وذلك على الرغم من أن نبالة الدم والسيادة هى الشئون الدينية ظلت دائما امتيازًا مقصورًا على بنى قصى.
المصادر: بالإضافة إلى ما ورد فى المتن:
(١) ابن هشام: السيرة تحقيق جوتنجن ١٨٥٩ - ١٨٦٠ م Wustenfeld، ٧٥ - ٨٤.
(٢) ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق H. Sachau وآخرون ليدن ١٩٠٥ - ١٩٤٠.
(٣) الطبرى: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق De Goeje ليدن ١٨٧٩ - ١٩٠١ م ١٠٩٢ - ١١١٠.