ابن النضر، وكذلك بينه وبين الاعتقاد المختلف تماما عن أصل عبادة إبراهيم الخليل عليه السلام وطبيعة هذه العبادة وما دخل عليها من تحريف على أيدى جرهم وخزاعة. وهكذا فإن قصيا يمثل لمكة "ما يمثله تيسيوس لأثينا ورومولوس لروما" كما يقول "كيتانى" ومن المستحيل طبقا لمعارفنا الراهنة أن نقول هل هو شخصية تاريخية تحولت إلى بطل أم هو تجسيد أسطورى لفكرة البطل. إن اسمه موجود فى نظام الأعلام العربى، فقد أشار ابن الأثير (جـ ٦, ص ١٤ - ١٥) وابن حجر فى الإصابة (جـ ٦، ص ٢٢٧) إلى نَهِيك بن قصى السلولى الذى كان معاصرًا للنبى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأشار ابن الكلبى فى الجمهرة إلى قصى بن عوف (جدول ١١٤) وقصى بن مالك (جدول ١١٥) ورغم أن الاسم نفسه يمكن التعرف عليه فى المخطوطات النبطية وفى رقاق دورا الواقعة على الفرات فإن ذلك لا يبرر لنا استنتاج أن للاسم أصلا شماليا، فهو موجود كما رأينا فى مختلف القبائل. ولكن تواتر الاعتقاد بأن قصيا أمضى طفولته فى الشام يؤيد الفرض القائل إن عبادة الكعبة أو على الأقل تجديد هذه العبادة كان نتيجة لتأثير وارد من الشمال. ونجد فى بعض المرويات (ابن سعد نقلا عن الكلبى جـ ١، ص ٣٩، ١١ - ١) صدى لحقيقة ذلك، وتحديدا فيما يقال عن عبادة هُبَل "صنم خزاعة" القديمة حيث كانت أعلى شأنًا من عبادة العزى ومناف - مناة. وهو ما نجد شواهد قاطعة عليه فى شمالى الجزيرة العربية على وجه الخصوص.
وعلى أية حال فقد أصبحت شخصية قصى كما رأينا تحمل الملامح المميزة لأساطير الأبطال الذين يؤسسون عصورا أو مدنا. . الخ. وأبناؤه الذين ينسبون إليه ليسوا إلا رموزا على الدور الذى قام به قصى فى بناء الديانة المكية. وإذا يكن من الحق