للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإشارة إلى أعداء الإسلام الذين هزمهم بنو أمية حيث يرد اسم النجاشى إلى جانب قيصر (أى الإمبراطور البينزنطى) ورودريك (ملك أسبانيا القوطى وخسر (فارس) وهو يدل على ما اعترى التفكير الإسلامى نحو الأحباش بعد عهد الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-].

ولقد احتل النجاشى مكانة خاصة فى التاريخ الإسلامى فى العصور المتأخرة، نظرًا للدور الذى لعبه فى أوليات ظهور الإسلام، ويتمثل ذلك فى كتاب تنوير الغبش فى فصل السودان والحبش الذى كتبه أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى (ت ٥٩٧ هـ)، كما أن إمام أيمن الزيدى المتوكل على اللَّه إسماعيل (ت ١٠٧٩ هـ) يورد رسالة النبى (عليه الصلاة والسلام) وردّ النجاشى عليها.

وثم أمر آخر يرد فى الأخبار الإسلامية من أن بلاد النجاشى معفاة من "الجهاد"، فقد أورد أبو داود (ت ٢٧٥ هـ) وأحمد بن حنبل (ت ٢٤١) أن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] قال: "اتركوا الحبشة ما تركوكم"، كما يورد أبو داود والنَّسائيُّ (ت ٣٠٣ هـ = ٩١٥ م) الحديث القائل "دعوا الحبشة ما دعوكم واتركوا الترك ما تركوكم" وربما كان هذا الحديث مغموزًا. على أنه يجب التَّنبيه إلى أن الإشارة إلى ابن حوقل خاطئة، ذلك إنه يتكلم فى كتاب صورة الأرض عن "البُجة" ويقول "وليس دارهم بدار حرب" وليس فى هذه العبارة ما يشير أبدًا إلى الجهاد بأىّ حال من الأحوال. أما فيما يتعلق بالسبب الذى من أجله لم يغز المسلمون الحبشة فى القرنين السابع والثامن فيرجع إلى أن بلاد النجاشى لم يكن يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الحملات البحرية ولم يكن ذلك بالأمر اليسير لدى المسلمين فى العهود الإسلامية الأولى، ثم أن هناك أمرًا آخر حال بين العرب وبين غزو مملكة الحبشة إلا وهو إنها كانت مملكة فقيرة إن هى قورنت بالإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية.

[المصادر]

(١) السهيلى: الروض الأنف.

(٢) ابن سعد: الطبقات الكبرى.

(٣) W. Raven: Same Early Islamice Texts on The Negus

(٤) A.F. Beeston: Sabaic grammar

مروان حسن حبشى [أ. فان دونزل E. van Donzel]