المناهضة للأمويين بالغت فيه مبالغة تفوق كل وصف، وخاصة الشيعة؛ وعمد زياد إلى نقل السكان من مكان إلى مكان لفل مقاومة العلويين وقبائل العرب المستقرة فى العراق، فنقل ٥٠.٠٠٠ بدوى إلى خراسان. وتوفى زياد بالطاعون فى الكوفة عام ٥٦ - ٥٧ هـ.
ولا مناص من أن نعتمد فى معلوماتنا عن زياد على مدرسة العراق التاريخية، على أن تحزب مؤرخى العراق الذين كانوا يضمرون أشد العداوة لزياد، قد مال بهم إلى تعيين تأريخ مولده بعد الهجرة ببضع سنوات لينكروا عليه دعواه فى أنه صحابى، بيد أننا إنصافًا له نقول إنه لا يمكن أن يكون قد ولد قبل الهجرة بوقت طويل، ذلك أنه توفى فى الستين أو نحوها؛ وأحسن شهادة على مقدرة زياد هى ما قرره معاوية من أن يعهد إليه بالنصف الشرقى من الدولة العربية الذى كان أصعب حكما وأشد تمردًا على آراء الأمويين، وقد استدعى معاوية، وهو ذلك الرجل العظيم القادر على سياسة الناس والخليفة العالى الهمة الذى كان حازمًا مع أقربائه، زيادًا لمعاونته فى مباشرة سلطانه، وفرض على نفسه ألا يتدخل فى شئون العراق طيلة حياة وإليه وسنده. والحق أن موالاة الخليفة له بالعطف، وإخلاص زياد لبنى أمية، لكافيان لتعليل تلك المرارة التى روى بها الكتاب العلويون أخبار ذلكم الرجل الثقفى من رجال الحكم.